بالحالة السابقة في السبب في غير ما يترتّب عليها بالنسبة إلى المسبّب أخذا بالاستصحاب في المسبّب أيضا ، والسرّ فيه أنّ دليل الإنّ إنّما يتمّ فيما إذا لم يكن دليل على انتفاء العلّة ؛ إذ لو فرض وجود الدليل على ارتفاع العلّة فوجود الدليل على بقاء المعلول ممّا لا يجدي شيئا ، لكونه شأنا من شئونه وطورا من أطواره.
اللهمّ إلاّ أن يكون مفاد الدليل الدالّ على وجود المعلول هو ثبوت العلّة فإنّهما حينئذ يتعارضان.
ومن هنا ينقدح أنّ ما ذكره من تعارض الأمارتين في طرفي المعلول والعلّة كالبيّنتين ، ممّا (١) لم يقع في محلّه أيضا أمّا أوّلا فلأنّ قيام البيّنة على المعلول مع أنّ المفروض نشو الشكّ فيه من الشكّ في العلّة من غير تعرّض لوجوده (٢) في مفاد البيّنة غير معقول. وأمّا ثانيا : فلأنّ وجود إحدى البيّنتين لا يناط بوجود الأخرى (٣) ، فيمكن قيامها على طرفي الخلاف ، بخلاف الاستصحابين ؛ لأنّ ملاك الأمر فيه على الحالة السابقة وهي في المعلول تابع لها في العلّة ، فلا يمكن انتهاضها أمارة في المعلول بوجه ، فظهر (٤) فساد ما توهّمه من عدم الظنّ في الطرفين ؛ لمكان التعارض بين الأمارتين كما لا يخفى.
فإن قيل : إنّ ما ذكرت إنّما يتمّ فيما إذا قلنا بالاستصحاب من حيث إفادته الظنّ في خصوص الموارد لامتناع قيام الظنّ على المعلول بعد فرض قيامه على العلّة ، وأمّا إذا (٥) كان اعتباره من باب إفادته الظنّ نوعا فلا مانع من الأخذ بأحكام المسبّب نظرا إلى الأمارة القائمة (٦) عليه بحسب الشرع.
قلنا : وهذه أيضا غفلة صريحة ؛ إذ الأمارة في طرف العلّة لو كانت مفيدة للظنّ
__________________
(١) « ز ، ك » : ما.
(٢) « ج ، م » : لوجودها.
(٣) المثبت من « ك » وفي سائر النسخ : الآخر.
(٤) « ز ، ك » : يظهر.
(٥) « ز ، ك » : إن.
(٦) « ز ، ك » : أمارة قائمة.