محكّم عليه ، وأمّا إذا شكّ بعد الصلاة فهي من موارد أصالة الوقوع والشكّ بعد الفراغ فلا يجدي فيه التمسّك باستصحاب الحدث نظرا إلى أنّ الشكّ هذا لو كان قبل الصلاة كان مجرى للاستصحاب ؛ لأنّه دليل فرضي صرف وهو لا يفيد حكما كما أنّه لا يجوز التمسّك بأصالة الوقوع (١) في الصورة الأولى ، لأنّه ليس شكّا بعد الفراغ ، بل هو تذكّر للشكّ قبل العمل وذلك ظاهر.
وبالجملة : فهذا (٢) التفصيل يدفع (٣) الشناعة الواردة على أصحاب القول بعدم تحكيم المزيل على المزال ، وهذا غاية ما يمكن الانتصار لهم ، ومع ذلك ففساده أجلى من أن يكاد يخفى على من له دربة (٤) ، فإنّ الاستصحاب غير محتاج إلى الشكّ الفعلي ، بل الشكّ الفرضي كاف في جريانه كما عرفت في الهداية السبزوارية ، فإنّ استصحاب الطهارة عند عروض المذي كما يفتي به المجتهد لا يتوقّف على فعلية الشكّ في انتقاض الطهارة بالمذي ، وممّا يضحك الثكلى في المقام هو أنّه لو فرض عدم الالتفات إلى الشكّ في نجاسة ثوب بعد استصحاب طهارة الماء والالتفات إلى نجاسة ثوب آخر فلا بدّ من الحكم بطهارة الأوّل ونجاسة الثاني مع وحدة الماء ولا سيّما مع وحدة النجاسة إلاّ أنّ الالتزام بمثله في الأحكام الظاهرية غير عزيز ، فتدبّر.
وكيف (٥) كان ، الظاهر عدم الفرق في تقديم الأصل المزيل على المزال فيما إذا فرض تحقّق الشكّ في مجرى المزال كما إذا التفت الشخص إلى الشكّ أوّلا ؛ لأنّ البناء على الأخذ بالمزيل مطلقا سواء كان ملتفتا أو لم يكن ، وأمّا ما ذكرناه من عدم الأخذ بأصالة الوقوع فيما إذا ذهل عن الشكّ قبل العمل وعدم جريان أصالة بقاء الحدث فيما إذا شكّ بعد العمل ، فممّا لا دخل له بالمقام ؛ لأنّ الأوّل ليس موردا لأصالة الوقوع ،
__________________
(١) سقط قوله : « والشكّ بعد الفراغ ... » إلى هنا من « ز ، ك ».
(٢) « م » : فبهذا.
(٣) المثبت من « ك » وفي سائر النسخ : يندفع.
(٤) « ج ، ز » : درية.
(٥) « ز ، ك » : فكيف.