لو فرضنا الشكّ في طهارة الماء مع الحالة السابقة ، ثمّ استصحبنا (١) الطهارة من غير التفات إلى الشكّ في نجاسة الثوب المغسول بذلك الماء ، فإنّ الحكم بطهارة الماء شرعا يلازمه طهارة الثوب المغسول به شرعا ، وحيث إنّه لا التفات إلى مجرى الاستصحاب في المزال لعدم الالتفات بالشكّ في النجاسة فلا تحقّق لمجراه مع تحقّق مجرى المزيل وعدم المعارض ، والشكّ بعد الحكم الاستصحابي في المزيل لا يجدي شيئا ؛ لأنّه محكوم بالطهارة شرعا ، والإجماع والسيرة واختلال النظام كلّها مسلّمة في هذا المورد (٢).
وأمّا إذا تحقّق مجرى الأصلين دفعة واحدة كما إذا كان الشكّ في نجاسة الثوب مقارنة مع الشكّ في طهارة الماء كما في مسألة الصيد والثوب المنشور على الأرض المغسول بالماء المستصحب الطهارة ، فلا دليل على تقديم الأصل المزيل لا الإجماع كما هو واضح ، ولا السيرة ؛ لعدم ثبوتها في محلّ الفرض ، ولا يختلّ النظام بذلك ، بل الحقّ هو الأخذ بالأصل في المزال ؛ لأنّه الدليل شرعا ، وأمّا (٣) الأصل المزيل فلا يجدي في ذلك الحكم ؛ لأنّه إنّما هو في المقام فرضي ، إذ لو لم يكن الأصل المزال جاريا كان الأخذ به محكّما والدليل الفرضي لا يفيد حكما.
وليس ما ذكر من التفصيل بعيدا عن مذاق الشريعة فإنّ التفصيل بين الالتفات بالشكّ وعدمه (٤) في جريان الأصل وعدمه ليس مختصّا بما نحن بصدده ، فإنّه نقول بمثله في بعض موارد أصالة الصحّة أيضا ، كما إذا شكّ قبل الصلاة في الوضوء فذهل (٥) عن الشكّ هذا فصلّى من غير تجديد للطهارة ، ثمّ ذكر الشكّ بعد الصلاة ، فإنّه لا يجدي التمسّك بقاعدة الشكّ بعد الفراغ في الحكم بصحّة الصلاة ؛ لأنّ استصحاب الحدث
__________________
(١) « ج ، م » : استصحبا.
(٢) « ك » : هذه الموارد.
(٣) « ز ، ك » : « لا » بدل : « أمّا ».
(٤) « ز ، ك » : « يجديه » بدل : « وعدمه ».
(٥) « ز ، ك » : فذاهل.