ضير في ذلك ؛ لأنّ دخول المانع يوجب خروج الممنوع مطابقة ، ودخول الممنوع يوجب خروج المانع التزاما ، فعدم كلّ منهما من الأحكام المترتّبة على وجود الآخر ، بخلاف الاستصحابين في المقام فإنّ ارتفاع كلّ واحد من الشكّين ليس من الأحكام المترتّبة على الآخر ؛ لأنّ الأخذ بالاستصحاب (١) المزيل وإن كان يوجب ارتفاع الشكّ في المزال ولكنّ الأخذ بالاستصحاب (٢) المزال لا يوجب ارتفاع الشكّ في المزيل ؛ لأنّ نجاسة الماء ليس من الأحكام المترتّبة على نجاسة الثوب.
فإن قلت : إنّ ذلك إنّما يتمّ فيما إذا كان المتعارضان حكمهما مستفادا من دليلين ليكون أحدهما حاكما على الآخر ، وأمّا إذا كان حكمهما مستفادا من دليل واحد فكيف يتأتّى القول بحكومة دليل واحد في بعض موارده عليه في بعض آخر؟
قلت : ولا ضير في ذلك بوجه ؛ لأنّ العامّ الأفرادي ينحلّ إلى أدلّة متعدّدة حسب تعدّد أفراده ، فيكون لكلّ واحد من أفراد الشكّ دليل على حدّه فيكون حاكما على دليل آخر في شكّ آخر وذلك ظاهر في الغاية.
وبالجملة : فالإنصاف ممّن جانب الاعتساف يقضي (٣) بورود المزيل على المزال وحكومته عليه ، فإنّ كلّ من راجع وجدانه يجد من نفسه فيما إذا أراد بيان (٤) حكم الشكّين المتولّد أحدهما عن الآخر أنّ الشكّ المتولّد ليس داخلا تحت إرادته ؛ لجعله كعدم الشكّ بواسطة دخول السبب في إرادته ، فتأمّل في المقام فإنّه حقيق به (٥).
ومن هنا ينقدح أنّ ما سلكه محقّق القوانين (٦) ـ من الجمع بين الأصلين فيحكم في المثال المذكور بنجاسة الثوب وطهارة الماء والأرض المنشور عليه الثوب ـ ممّا لا
__________________
(١) في النسخ : باستصحاب.
(٢) في النسخ : باستصحاب.
(٣) « ج » : « يقتضي » وكذا في المورد الآتي.
(٤) « ز » : فيما إذ أراد بين ، « ك » : فيما دار الأمر بين.
(٥) « ز ، ك » : ـ في المقام فإنّه حقيق به.
(٦) القوانين ٢ : ٧٦ ـ ٧٧.