ولعلّ بناءهم على الترجيح في أمثاله لإمكان حصوله على هذا التقدير ، إلاّ أنّه لم يظهر منهم ذلك في موارد التعارض فحكموا بالتساقط في الأغلب ، فكن على بصيرة من ذلك (١).
وأمّا على الثاني : فلأنّ الوجوه المحتملة في المقام أربعة : إمّا الجمع ، وإمّا الطرح ، وإمّا الترجيح ، وإمّا التخيير ، أمّا الجمع فالمفروض عدم إمكانه ، وأمّا الترجيح والتخيير فلا دليل عليهما ، فتعيّن (٢) الثاني وهو طرحهما بتساقطهما والرجوع إلى أصل ثالث مؤخّر عنهما في المرتبة ، أمّا الترجيح فلأنّ المرجّح لأحد الأصلين إمّا أن يكون أحد الأدلّة الاجتهادية ، أو واحد من الأصول العملية ، ولا يصلح (٣) شيء منهما لذلك.
أمّا الأوّل : فإن كان حجّيته ثابتة معلومة في الشريعة فمع (٤) موافقته لأحد الأصلين لا مورد لكلّ واحد منهما ، مخالفا كان أو لا ؛ لاعتبار الشكّ والجهل المرتفع بالدليل في موضوع (٥) الأصل ، فلا يتعقّل التعارض بينهما حتّى يتوقّف تقديم أحدهما على الآخر على أخذ الدليل مرجّحا له وذلك ظاهر.
وإن لم يكن معلوم الاعتبار كأن لم يقم دليل على حجّيته كالشهرة الظنّية أو الأولوية ـ مثلا ـ فلا يتعقّل الترجيح به أيضا ، أمّا أوّلا : فلأنّ تقديم أحد الأصلين بما لم يقم دليل على اعتباره إنّما هو طرح للأصل المعلوم ، بيان ذلك أنّ مفروض المقام عدم اعتبار مثل الظنّ الحاصل من الأولوية ، ومعنى ذلك على ما قدّمنا في مباحث الظنّ هو حرمة طرح الأصول القطعية الثابتة في الشريعة في قبال الظنّ ، فأصالة عدم ثبوت الترجيح بهذا الظنّ على تقدير الأخذ به يكون مطروحا مع أنّه أصل قطعي ثابت بالدليل.
__________________
(١) « ز ، ك » : ـ من ذلك.
(٢) « ج ، م » : فيعيّن.
(٣) « ز » : ولا يصحّ.
(٤) « ز ، ك » : مع.
(٥) « ز ، ك » : موضع.