تنافي بين الحاكم والمحكوم (١).
وتحقيق ذلك : أنّ الحكم الثابت في موضوع الحاكم مناف للحكم الثابت في المحكوم لا محالة إلاّ أنّ الدليلين لا يعدّان من المتنافيين عرفا بعد ما عرفت من أنّ الحاكم بمدلوله اللفظي متوجّه (٢) إلى بيان مدلول المحكوم كما في أدلّة كثير الشكّ ، فإنّ قول الشارع : من كثر عليه الشكّ فلا تعتدّ ـ مثلا ـ إنّما هو ناظر بمدلوله لفظا إلى قوله : من شكّ بين الثلاث والأربع ـ مثلا ـ ويكشف عن ذلك ورود الحاكم لغوا فيما لو قطع النظر عن المحكوم على ما سبق في محلّه (٣) ، ولذلك (٤) لا تجد التنافي بينهما لفظا وإن كان حكم كثير الشكّ مخالفا لحكم غيره ، كما لا يخفى على من له ممارسة بصناعة الكلام ، وذلك بخلاف « أكرم زيدا ولا تكرم زيدا » أو « أكرم العلماء ولا تكرم زيدا العالم » ونحو ذلك من أنحاء التعارض الواقع في الأدلّة على ما ستطّلع على تفاصيلها ـ إن شاء الله ـ من غير فرق بين العموم والخصوص أو القرائن الصارفة في المجازات ، وملاك الفرق هو ما ذكرنا من أنّ المتحاكمين لا بدّ وأن يكون أحدهما مفسّرا للآخر ، ومن المعلوم عدم تنافي المفسّر للمفسّر ، بل يؤكّده (٥) حقيقة وإن كانا متخالفي الحكمين فتدبّر ، وخرج الأدلّة القطعية ؛ لأنّ مناط اعتبار الأدلّة (٦) القطعية ليس إلاّ على نفس الصفة النفسانية وهي الحالة الإدراكية الجازمة ، ومن المعلوم امتناع اجتماع تلك الحالة على طرفي الخلاف كما هو كذلك بالنسبة إلى صفة الظنّ أيضا فإنّ رجحان طرفي النقيض غير
__________________
(١) في هامش « م » :
در حفظ معالم شريعت مى كوش |
|
تن وتو به خرقه طريقت مى پوش |
از جام محبّت ولىّ مطلق |
|
مستانه همى مى حقيقت مى نوش |
« منه »
(٢) « ج » : متبوعة.
(٣) سبق في ص ٤١٣.
(٤) « م » : كذلك.
(٥) « ج » : بل لو كان؟
(٦) « س » : أدلّة؟