لغير من له الحقّ يحتمل أن يكون له (١).
وفيه : أنّ التنصيف كما يوجب المخالفة القطعية يوجب الموافقة القطعية فالأمر دائر بين تحصيل الموافقة الاحتمالية في الكلّ وإن استلزم مخالفة احتمالية كذلك ، أو تحصيل الموافقة القطعية في البعض وإن استلزم المخالفة القطعية كذلك ، ولا يبعد ترجيح الأخير على الأوّل في كلّ ما للبعض أثر أيضا كما في حقوق الناس ، فتدبّر.
هذا تمام الكلام في الجمع بين الدليلين على اختلاف أقسامه ، وقد عرفت أنّ الجمع فيما يجب الجمع إنّما هو موافق للقواعد ، وفيما لا يجب لا دليل على الجمع من الخارج أيضا ، وأمّا موارد التخيير فحيثما لا يمكن الجمع مع الانقطاع عن المرجّحات الصدورية.
وربّما يظهر من بعضهم (٢) في بعض موارد التعارض في العامّين من وجه كقوله :
« اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه » وقوله : « لا بأس بخرء الطير » (٣) إعمال المرجّحات الصدورية ، وقال بالتخيير فيهما بعد الانقطاع إلاّ فيما قام الإجماع (٤) على عدم التخيير.
وضعفه ظاهر فإنّ عدم الحكم بالتخيير في موارد تعارض العامّين من وجه ليس مخالفا للقواعد حتّى يحتاج في دفعه إلى دليل خارجي من إجماع ونحوه ، بل لا محلّ للتخيير فيهما كما هو ظاهر ممّا مرّ.
وممّا قرّرنا يظهر أيضا فيما إذا تعارض جهة الصدور في الخاصّ والعامّ ، وهكذا باقي الأقسام ، والله الموفّق وهو الهادي.
__________________
(١) « س » : له الحقّ.
(٢) قال النراقي في عوائد الأيّام : ٣٤٩ ، عائدة ٤٠ : إذا تعارض العامّان من وجه يرجع إلى الترجيح إن كان ، وإلاّ فيحكم بالتخيير إن أمكن ، وإلاّ فيرجع إلى الأصل السابق عليهما. انظر الرياض ٢ : ٣٤٤ ـ ٣٤٥ ، وفي ط الحجري ١ : ٨٣.
(٣) تقدّما في ص ٥٤٨.
(٤) « د » : دليل الإجماع.