ـ على ما حكي ـ التفصيل بين ما قيّد بمقيّد متّصل بالمطلق كقولك : « رجل مؤمن ورقبة مؤمنة » وبين ما قيّد بمنفصل كما إذا كان المقيّد عقلا أو إجماعا مثلا ، ولم يظهر منهم الفرق بين وجوه المطلق من الاعتبارات المتقدّمة.
وكيف كان فالحقّ أنّ التقييد ليس مجازا مطلقا ، سواء كان متّصلا أو لا ، وسواء في ذلك وجوه الإطلاق.
أمّا بالنسبة إلى الوجه الأوّل : فذلك أظهر من أن يخفى على أوائل العقول ، فإنّ المجاز عبارة عن الكلمة المستعملة في خلاف ما وضعت له ، وهل ترى قولنا : « اضرب رجلا » يفترق قولنا (١) : « اضرب رجلا في الدار أو قائما أو ضربا شديدا » إلى غير ذلك من وجوه متعلّقات الفعل كأن يكون اضرب باعتبار ما يدلّ على الطلب من الصيغة مستعملا (٢) في خلاف ما وضعت له من الطلب ، ولو كان الأمر على ما ذكر لأدّى إلى أن يكون اللفظ مستعملا في مجازات متعدّدة عند تعدّد وجوه (٣) التقييد على وجه الإحاطة بها ، ومستعملا في معنى مجازي وحقيقي إذا (٤) اعتبر التقييد بالنسبة إلى (٥) بعض الوجوه القابلة (٦) له.
والإنصاف أنّه لم يظهر من المشهور القائلين بالمجازية ذهابهم إلى ذلك أيضا ، نعم ربّما يظهر من بعضهم (٧) المجازية بالنسبة إلى التقييد (٨) بالشرط حيث يحكمون بأنّ الأمر حقيقة في الطلب المطلق مجاز في الطلب المشروط ، وفيه ـ بعد أنّ التفكيك بين أقسام التقييد ممّا لا يقضي به دليل ـ : أنّ الطلب المشروط ليس خارجا عن حقيقة الطلب على ما هو المحقّق في مقامه ، فلا وجه للقول بأنّ اللفظ الموضوع بإزاء الطلب إنّما يصير مجازا إن استعمل لأن يكشف الطالب عن هذا القسم من الطلب على تقدير القول
__________________
(١) « د » : قولنا يفرق. « ج » : يفترق عن قولنا.
(٢) « م ، س » : مستعملة.
(٣) « س » : وجود.
(٤) المثبت من « س » وفي سائر النسخ : إذ.
(٥) « ج » : « على » بدل : « بالنسبة إلى ».
(٦) « ج » : المقابلة.
(٧) انظر كفاية الأصول : ١٠٠.
(٨) « د ، م » : التقيّد.