إلاّ أنّه يشكل الاعتماد عليه ؛ لعدم اطّراده في الموارد التي بنوا فيها على الاستصحاب كما يظهر من ملاحظة سيرتهم في الفقه ، ويحتمل أن يكون النزاع في إفادته الظنّ كما يظهر عمّا سبق نقله من العضدي (١) ، فالنزاع صغروي ، وأن يكون في اعتباره أيضا كما لعلّه يومئ إليه محقّق القوانين ، وكيف كان فالنزاع في اعتبار الاستصحاب من حيث الظنّ على أحد الوجوه المحتملة فيه هو الظاهر من السلف ، كما ينبئ عن ذلك عدم احتجاجهم بأخبار النقض إلى أن وصلت النوبة إلى الشيخ الجليل الشيخ حسين العاملي والد شيخنا البهائي ، فإنّه أوّل من فتح باب الاستدلال بها في الاستصحاب حيث قال [ ـ بعد ذكر بعض أخبار الاستصحاب ـ وهذا في الحقيقة راجع إلى أصل بقاء الشيء على ما كان وهو الاستصحاب كما قدّمناه ، ويتفرّع على ذلك كثير من مسائل الفقه ، كمن تيقّن الطهارة وشكّ في عروض الناقص لا يلتفت وبالعكس يجب الطهارة ، ومن تيقّن طهارة بدنه أو ثوبه وشكّ في عروض النجاسة لا يلتفت وبالعكس يجب التطهير ، وهذا وأمثاله ممّا لا خلاف فيه. (٢)].
وعلى الثاني فيحتمل أن يكون المراد بالتعبّد هو التعبّد الشرعي كما هو الظاهر ممّن (٣) جنح إليه محتجّا بأخبار النقض ، بل وهو صريح البعض ، وأن يكون تعبّدا عقلائيا ؛ حيث إنّهم مفطورون على البناء على الحالة السابقة والأخذ بها تصحيحا لأمور معادهم وتسهيلا في أمور معاشهم ، بل وربّما يظهر ذلك من احتجاج المعارج (٤) من ثبوت المقتضي وعدم صلوح الرافع للرفع ، ومن احتجاج الشيخ في الزبدة (٥) من أنّه لولاه لم يتقرّر (٦) المعجزة ، وعلى التقديرين فهل التعبّد مطلق وإن كان الظنّ على الخلاف
__________________
(١) سبق نقله في ص ١١ و ٥١.
(٢) لم يرد مقول قوله في النسخ وموضعه في نسختي « م ، ز » بياض قدر ثلاث أسطر ، واستدركناه ما بين المعقوفين من العقد الطهماسبى : ٢٤.
(٣) « ز ، ك » : فمن.
(٤) المعارج : ٢٨٦.
(٥) « ز ، ك » : زبدته. زبدة الأصول : ١٠٦.
(٦) في المصدر : لم تتقرّر.