فإنّ التوثيق ظاهر في الإمامية بخلاف كلام الشيخ ، وعلى ذلك يبنى في الردّ على من زعم أنّ صراحة كلام الشيخ تنهض قرينة لصرف كلام النجاشي عن ظاهره ، وفساده غير خفيّ على أحد ؛ إذ لا معنى لصرف كلام متكلّم عن كلام متكلّم آخر.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ مرجع كلام الشيخ إلى العلم بكونه واقفيا ، ومرجع كلام النجاشي إلى عدم العلم ، فلا تعارض بينهما كما لا تعارض بين مطلق المعدّل والجارح ، وهو كما ترى.
وأمّا عمر بن حنظلة فقد قيل : إنّه ممّن لم يصرّح فيه أهل الرجال بمدح ولا قدح إلاّ أنّ المحكيّ عن الشهيد الثاني في حاشية الخلاصة (١) أنّه حقّق توثيقه في مقام آخر ، وقد حكم بوهن التوثيق المذكور ابنه صاحب المعالم فيما حكى عنه : بأنّي رأيت بخطّ والدي أنّ الوجه في توثيقه ما رواه الشيخ في التهذيب عن يزيد بن خليفة في باب المواقيت عن الصادق عليهالسلام ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّ عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت ، فقال عليهالسلام : « إذا لا يكذب علينا » ولا دلالة فيه على التوثيق (٢).
وهو ممّا لا يصغى إليه ، أمّا أوّلا : فلأنّ الحكم بتوثيقه أوّلا كاف من الشهيد رحمهالله فلعلّ توثيقه لم يكن مستندا إلى هذه الرواية لاحتمال تأخّره عمّا كتبه. وأمّا ثانيا : فلأنّ دلالة الرواية على التوثيق ظاهرة ؛ لأنّ عدم الكذب في حيال ذاته لا يصلح أن يكون مترتّبا على الإتيان بالوقت ، كما أنّه يترتّب الدخول في الجنّة على الإسلام في قولك ـ بعد ما قيل : أسلمت ـ : إذا تدخل الجنة ، فلا بدّ أن يكون قوله : « إذا لا يكذب علينا »
__________________
(١) لم أجده في حاشية الخلاصة ونقل عن الرعاية : ١٣١ ابنه وغيره في المنتقى كما سيأتي.
(٢) منتقى الجمان ١ : ١٩ ، وفيه ناقش في سند الحديث لا في دلالته.
وأمّا حديث الوقت فقد ورد في : التهذيب ٢ : ٢٠ و ٣١ ، باب ٤ ، ح ٧ و ٤٦ ؛ الاستبصار ١ : ٢٦٠ ، باب ١٤٨ ، ح ٧ وص ٢٦٧ ، باب ١٤٩ ، ح ٢٦ ؛ الكافى ٣ : ٢٧٥ ، باب وقت الظهر والعصر ، ح ١ ، وص ٢٧٩ ، باب وقت المغرب والعشاء الآخرة ، ح ٦ ؛ الوسائل ٤ : ١٣٣ و ١٥٦ ، باب ٥ و ١٠ من أبواب المواقيت ، ح ٦ و ١ ، و ٢٧ : ٨٥ ، باب ٨ من أبواب صفات القاضي ، ح ٣٠.