أمور أربعة : الأعدلية ، والأورعية ، والأفقهية ، والأصدقية ، ولا أكاد أظنّ أنّ الأخباري أيضا يلتزم بذلك ؛ إذ قلّ ما يوجد ما يجتمع فيه الأمور الأربعة (١) ، والتفكيك بينهما ممّا ينافيه ظاهر العطف ، وعلى تقدير التفكيك فلا دلالة في الرواية على الاقتصار على المرجّحات المنصوصة في مقام الترجيح ، بل تكون (٢) على هذا التقدير واردة في مقام إراءة الطريق كما لعلّه يومئ إليه ظاهر الأصدقية كما ستعرف.
ومنها : أنّ العلم بالأعدلية متعسّر في الأغلب ؛ إذ غاية ما يتكلّف في المقام هو الظنّ بمجرّد الملكة ، وأمّا شدّتها في واحد دون واحد فممّا لا سبيل لنا إليه جدّا ، فإنّ مدار تشخيص هذه الأمور في أمثال زماننا إلى الرجوع إلى ما ذكره أهل الرجال في أوصاف الرواة ، ومن الظاهر أنّه لا يستفاد منها ذلك ؛ لأنّ تمجيد بعض الرواة بذكر بعض مدائحه ممّا لا دلالة فيه على عدم اتّصاف غيره به وذلك أمر ظاهر ، ومن هنا قلنا بأنّ ما قد يوجد في بعض الأخبار من الثمرات المترتّبة على بعض الأعمال لا يدلّ على أفضلية ذلك العمل بالنسبة إلى غيره ، فتأمّل.
ومنها : أنّ ذكر موافقة الكتاب في عداد المرجّحات مقارنة لمخالفة العامّة ، ثمّ بعد ذلك أمر بالأخذ بما خالف العامّة لعلّه لأجل لطيفة هي أنّ كلّ ما وافق الكتاب فقد خالف العامّة ، وإلاّ فلا وجه لذلك ؛ لأنّ توسيطه بين الأخذ بالمشهور وبين ما خالف العامّة ممّا لا نعرف له وجها.
بيان ذلك : هو أنّه لا يخلو إمّا أنّ نقول بتخصيص الكتاب بالخبر الواحد ، أو لا نقول ، فعلى الأوّل لا بدّ من ذكرها بعد تمام المرجّحات ؛ إذ لا إشكال على هذا التقدير في وجوب التخصيص بعد ما ترجّح أحد المتعارضين على الآخر ولو بواسطة مخالفة العامّة ، وعلى الثاني فلا بدّ من ذكرها قبل كلّ مرجّح ولا أقلّ من أن يكون في عرض المشهور حينئذ.
__________________
(١) المثبت من « د » وفي سائر النسخ : الأربع.
(٢) في النسخ : يكون.