التخيير لا وجه للاحتياط في المسألة الفرعية بخلاف ما ذكرنا في مباحث الظنّ ، كذا أفاد سلّمه الله (١).
قلت : وفيه ما لا يخفى ، أمّا أوّلا : فلأنّ المفروض في دليل الانسداد حجّية مطلق الظنّ بواسطة الاحتياط في المسألة الأصولية ، وبعد اعتبار الظنّ وقيامه على أنّ السورة ليست جزء في الصلاة لا وجه للشكّ في كونها جزء حتّى يتحقّق موضوع الاشتغال في المسألة الفرعية ، فكلّما فرض حجّية دليل ولو بواسطة الاحتياط لا يعقل الشكّ الشرعي في المسألة الفرعية ؛ لأنّ الشكّ في المسألة الفرعية مسبّب عن الشكّ في المسألة الأصولية ، وهو دام ظلّه العالي تفطّن بذلك أيضا إلاّ أنّه دفعه بعدم المنافاة بين مفاد الظنّ القائم على عدم الوجوب وبين ما يدلّ على وجوبه بالفرض (٢) ؛ لكونه واقعا في أطراف العلم الإجمالي في المسألة الفرعية ، وظنّي أنّه غير مجد ؛ لأنّ العلم الإجمالي القاضي بالاحتياط إنّما ارتفع بواسطة حجّية الظنّ القائم على أحد أطراف العلم الإجمالي ، نعم ذلك يجدي فيما لو كان الشكّ ناشئا من غير الجهة التي أقيمت عليها الحجّة الظنّية وذلك ظاهر.
وأمّا ثانيا : فلأنّ إطلاق أدلّة التخيير لا يفرق فيه بين ارتفاع الاحتياط في الفرع وبين ارتفاعه في المسألة الأصولية ، فلو أخذ ما به (٣) يلزم القول بالتخيير (٤) مطلقا كما لا يخفى ، فالحقّ عدم استقامة الوجه المذكور نظرا إلى ما حقّقنا من أنّ أصالة البراءة محكّمة فيما دار الأمر بين التعيين والتخيير وإن قلنا بتقديم الاشتغال في المسألة الأصولية على الاشتغال في المسألة الفرعية ، على أنّه قد يحتمل أن يكون المرجّح النصوص في طرف آخر ، فلا يمكن الاستناد إلى الاشتغال ؛ لتعارضه من الطرفين ، فتأمّل.
__________________
(١) « د » : أفاده الأستاد.
(٢) « م ، س » : بالعرض.
(٣) « س ، ج » : « بأنّه » بدل « ما به ».
(٤) « س » : بالنتيجة.