قلنا : إنّما (١) يصير إلى ذلك على تقدير التعارض وحصول مانع يمنع من العمل لا مطلقا ، فلم يلزم سدّ باب العلم (٢) ، انتهى.
وضعّفه في المعالم أوّلا بأنّ ردّ الاستدلال بالخبر بأنّه إثبات لمسألة علمية بخبر واحد ، ليس بجيّد إذ لا مانع من إثبات مثله بالخبر المعتبر من الآحاد ، ونحن نطالبه بدليل منعه (٣). إلاّ أنّه رحمهالله بناء على ما سلكه في الأخبار إنّما منع من صحّة الخبر في المقام ، وليس بجيّد ؛ لأنّ الأخبار في هذا المعنى فوق حدّ الاستفاضة ، بل وكاد تبلغ حدّ التواتر.
وثانيا بأنّ الإفتاء بما يحتمل التأويل وإن كان محتملا إلاّ أنّ احتمال التقيّة على ما هو المعلوم من أحوال الأئمّة عليهمالسلام أقرب وأظهر ، وذلك كاف في الترجيح ، فكلام الشيخ عندي هو الحقّ (٤) ، انتهى.
وهو كذلك ، والسرّ فيه : أنّ بناء العرف واللغة على الأخذ بالأصول المعمولة في الألفاظ من الأمور المشخّصة (٥) لنفس الإرادة وتعيين ما هو المراد منها ما لم يظهر دلالة يمكن التعويل عليه في صرف تلك الأمور ، والإنصاف أنّ الاعتماد على أصالة عدم التقيّة في أمثال المقام ربّما لا يساعده المقام ، فيدور الأمر بين الأخذ بتلك الأصالة دفعا لاحتمال التقيّة وبين الأخذ بأصالة عدم القرينة وأصالة الحقيقة دفعا لاحتمال التأويل من غير جهة التقية ، ولا ريب أنّ الثاني في كلماتهم أغلب فالأخذ به أقرب كما أفاده محقّق المعالم ، نعم قد يمكن أن يكون المقام بواسطة احتفاف القرائن والشواهد الدالّة
__________________
(١) « ج ، س » : « ربّما ».
(٢) معارج الأصول : ٢٢٥ ـ ٢٢٦ وقارن بما تقدّم في ص ٥٨٩.
(٣) ثمّ قال صاحب المعالم : « نعم هذا الخبر الذي أشار إليه لم يثبت صحّته فلا ينهض حجّة » وما ذكره في المتن من قوله : « إلاّ أنّه رحمهالله » إلى قوله : « حدّ التواتر » اعتراض منه على صاحب المعالم.
(٤) المعالم : ٢٥٥ ـ ٢٥٦.
(٥) « س » : المستحقّة.