أولى ، ويحتمل القول بعدم الفرق ؛ إذ الأخذ بمرجّح الصدور لا يفيد في الأخذ بعموم الدليل ؛ إذ المفروض كونه متروك العمل بعد حمله على التقيّة ، وليس بسديد كما لا يخفى.
قلت : ويحتمل أن يقال : إنّ الأخذ بمرجّح الصدور أيضا لا يستلزم التصرّف في دليل الحجّية فإنّ الحجّية في مقام النوع لا تنافي (١) عدم اعتبار فرد منه في مقابل الفرد المقارن للمرجّح ، بل عنوان الترجيح قاض بذلك أيضا ، سيّما على ما قدّمنا من أنّ القاعدة تقضي بالتخيير بين الخبرين عند فقد الترجيح بينهما فإنّ ذلك بمنزلة تزاحم الحقوق ، ولا ريب في أنّ حصول الترجيح لأحد الواجبين لا يوجب التصرّف في دليل الوجوب كما نبّهناك عليه ، فتدبّر ، وجه التدبّر أنّ (٢) التصرّف في الدليل لازم بوجه من الوجوه ولو بواسطة التقييد بالإمكان على ما ستعرف.
وفي المقام أخبار تدلّ على تقديم المرجّح المعمول في جهة الصدور على مرجّح الصدور ، والظاهر أنّ عملهم أيضا على ذلك كما يظهر بالتتبّع في مطاوي كلماتهم.
فمنها : ما رواه الطبرسي في الاحتجاج عن سماعة بن مهران قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام قلت : يرد علينا حديثان واحد يأمرنا بالعمل (٣) والآخر ينهانا عن العمل (٤)؟ قال : « لا تعمل بواحد منهما حتّى تأتي (٥) صاحبك فتسأله عنه » قال : قلت : لا بدّ أن يعمل (٦) بأحدهما ، قال : « اعمل (٧) بما فيه خلاف العامّة » (٨).
ومنها : ما رواه الصدوق رحمهالله بإسناده عن يونس بن عبد الرحمن عن حسين بن السري قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : « إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا ما خالف
__________________
(١) المثبت من « ج » وفي سائر النسخ : لا ينافي.
(٢) « د » : « إذ » بدل : « وجه التدبّر أنّ » ومن قوله : « وجه التدبّر » إلى « ستعرف » لم يرد في « ج ».
وورد في هامش « م » ولعلّه الأنسب.
(٣) في المصدر : يأمرنا بالأخذ به.
(٤) في المصدر : عنه.
(٥) في المصدر : تلقى.
(٦) في المصدر : نعمل.
(٧) في المصدر : خذ.
(٨) الاحتجاج ٢ : ٣٥٧ ، عنه في الوسائل ٢٧ : ١٢٢ ، باب ٩ ، من أبواب صفات القاضي ، ح ٤٢.