وأمّا الثاني : فلأنّ الأصول المعمولة في قبال الاستصحاب أحد الأصول الثلاثة : البراءة والاحتياط والتخيير ، ولا دليل على اعتبارها فيما خالف الاستصحاب أحدها ؛ لوضوح أنّ عمدة المدرك فيها العقل وبناء العقلاء ، والمفروض في المقام أنّ بناءهم على طرح (١) تلك الأصول والاعتماد على الحالة السابقة ، ففيما لو كان الشكّ في التكليف يعوّلون على الحالة السابقة ولا يعتمدون على البراءة كما في استصحاب الوجوب السابق أو الحرمة السابقة ، ويأخذون بها فيما (٢) كان المورد من مجاري الاشتغال كما في استصحاب عدم وجوب السورة في الصلاة ، وبمثله يقولون (٣) فيما لو كان المورد من موارد التخيير ، فلا تنهض الأدلّة الناهية عن العمل بغير العلم حجّة في المقام ، فلا جدوى فيما رامه (٤) المعترض (٥) من إثبات الردع ، نعم لو كان اعتبار تلك الأصول بواسطة الأدلّة السمعية من غير احتمال رجوعها إلى ما يستفاد من العقل ، فيصير الأخذ بالاستصحاب المخالف لأحدها طرحا لها من غير دليل ، إلاّ أنّ من المحقّق في محلّه رجوعها إلى ما يستفاد من العقل ، فيتّحد مفادهما.
وتحقيق المقام وتوضيحه أنّ المخالف للاستصحاب إمّا أن يكون هو الدليل أو الأصل ، فلا كلام (٦) في ورود الدليل على الاستصحاب وهو خارج عن مفروض المسألة ؛ لوجوب الفحص عن الدليل في موارد الاستصحاب ، وأمّا الأصل فلا مجرى له في موارد الاستصحاب لتعويل العقلاء على الحالة السابقة على تقدير كونها مظنونة ، ولا يمكن النهي عن العمل بالظنّ الاستصحابي حينئذ والأخذ بأحد الأصول الموهومة ؛ لكونه ترجيحا للمرجوح على الراجح ، فلو حصل الظنّ بوجوب شيء (٧) في
__________________
(١) « م » : ترك.
(٢) « ج » : + لو.
(٣) « ز ، ك ، ج » : نقول.
(٤) « ج » : لزمه.
(٥) « ك » : المفرض ( ظ ).
(٦) « ج ، ز ، ك » : لا كلام.
(٧) « ج ، م » : شيء واجب.