دوامها منه ، واحتمال عدم اطّلاعهم على هذا الأمر الشائع بينهم (١) مع كونه بمكان من محلّ ابتلائهم ، بمكان من البعد جدّا ، بل ومستحيل عادة وإن لم نقل بإحاطة علمهم فعلا ، كاحتمال أن يكون ذلك منهم عليهمالسلام تقيّة ، وإلاّ لبطلت الأحكام عن آخرها ، وأوضح فسادا من الكلّ وقوع الردع وعدم الوصول إلينا ؛ لوضوح توفّر الدواعي على نقل مثل هذه الأمور ، لابتلاء العامّة بذلك ، فحيث لم نظفر (٢) عليه فنعلم بأنّهم عليهمالسلام قد وكلهم إلى ما هو المركوز في أذهانهم والمجبول عليه طباعهم كما في غيره من وجوه اختلاف طرق الإطاعة والعصيان ، ومنه استكشاف المطالب من العبائر واستعلام المقاصد من الدفاتر إلى غير ذلك من النظائر الموكولة إلى عقولهم.
فإن قلت : قد تواترت الأخبار في النهي عن العمل بمطلق ما وراء العلم ، ومنه الظنّ الحاصل من ملاحظة الحالة السابقة ، مضافا إلى الآيات القرآنية والضرورة الدينية كما مرّ في محلّه (٣) ، ولا فرق في الرادع بين العموم والخصوص ، فالردع حاصل والخصم غافل.
قلت : بعد تسليم كفاية العموم في الردع كما هو قضيّة الإنصاف على ما يقضي به الوجدان الخالي عن الاعتساف ، أنّ الأدلّة المذكورة لا تنهض ردعا في المقام ؛ لما قد تحقّق في مباحث الظنّ (٤) أنّ المرجع فيها إلى أمرين ، أحدهما : حرمة التشريع ، وثانيهما : طرح الأصول القطعية في مقابل تلك الظنون ، وشيء (٥) منهما (٦) لا يتمشّى في المقام.
أمّا الأوّل : فظاهر ؛ إذ ليس الأخذ بالحالة السابقة من التشريع في شيء ، بل التعويل إنّما هو على ثبوت الحكم في الزمن الأوّل ، وليس هذا من إدخال ما ليس من الدين فيه.
__________________
(١) « ج » : منهم.
(٢) « ج ، م » : لم نعثر.
(٣) مرّ في بحث الظنّ : ج ٣ ، ص ٦٩ ـ ٧١.
(٤) تحقّق في ج ٣ ، ص ٦٩.
(٥) « م » : شيئا. « ج » : إنّ شيئا.
(٦) « م » : ـ منهما.