وإن أراد إثبات التقرير بالعمل به في موضوعات الأحكام ، فقد قام الإجماع على عدم جواز العمل بالظنّ فيها حتّى من القائلين بمطلق الظنّ ـ أعاذنا الله منه ـ والتقرير فيه غير موجود ؛ لوجود الأدلّة الرادعة فيها من قوله : « كلّ شيء مباح حتّى تعلم أنّه حرام » (١) و « إنّ كلّ شيء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر » (٢) ونحوهما ممّا يدلّ على عدم جواز التعويل بغير العلم ، والمفروض أنّ الاستصحاب منه بعد ؛ لعدم دلالة على اعتباره حينئذ ، وإن أراد دعوى استقرار بناء العقلاء في الأحكام الشرعية على الأخذ بالحالة السابقة ، فممنوعة ، فضلا عن تقرير المعصوم عن ذلك.
وأمّا ما استند إليه من استصحاب عدم النسخ في الأحكام المأخوذة عنهم عليهمالسلام بالنسبة إلى أصحابهم وأتباعهم ، فيرد عليه : أنّا لا نسلّم أنّ (٣) استنادهم في ذلك إلى مجرّد الاستصحاب ، بل العلم العاديّ حاصل لهم بعدم النسخ ، ومنه يظهر الوجه في منع العمل بالفتاوى بالنسبة إلى المقلّدة بواسطة الاستصحاب عند الشكّ في موت المفتي أو حياته (٤) ، كيف والأدلّة الناهية عن العمل بالظنّ فوق حدّ الإحصاء. و (٥) قول المستدلّ بعدم (٦) الكفاية في الردع ، ممنوع (٧) ؛ للقطع بالكفاية وإن كان يحسن المنع بالخصوص أيضا ، مثلا لو شرب الخمر بمحضر من الإمام فعدم ردعه لو فرض لا يدلّ على جواز شربه بعد ما قرع الأسماع (٨) قوله تعالى : ( إِنَّمَا الْخَمْرُ [ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ ] رِجْسٌ )(٩) نعم يحسن ذلك إجمالا ، فيدور مدار الموارد ، وأمّا ما زعمه من عدم دلالتها على الردع بواسطة رجوعها إلى نفي التشريع ـ والاستصحاب
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٧ : ٨٩ ، باب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، ح ٤ ، وفيه : « كلّ شيء لك حلال ... ».
(٢) وسائل الشيعة ٣ : ٤٦٧ ، باب ٣٧ من أبواب النجاسات ، ح ٤ ، وفيه : « كلّ شيء نظيف ... ».
(٣) « ج ، م » : ـ أنّ.
(٤) « م » : جنونه.
(٥) « ج ، و » : ـ و.
(٦) « ج ، م » : لعدم.
(٧) « ج ، م » : + عليه.
(٨) « ك » : الاستماع.
(٩) المائدة : ٩٠.