فنقول : قول السائل : « الرّجل ينام وهو على وضوء » المراد به إمّا تمدّد الأعضاء وإيقاع صورة النوم من المكلّف بالاستلقاء ومدّ الأيدي والأرجل استعارة ، وإمّا الشروع فيما يفضي إلى النوم من مقدّماته مشارفة ، وإمّا النوم الحقيقي ، بناء على أنّ الخفقة من مصاديقه الواقعية ، فلا منافاة بين هذه الفقرة وقوله : « أتوجب الخفقة ». وقوله : « ينام وهو على وضوء » يراد به أنّه يحدث النوم والحال أنّه في زمان مقارن لزمان الوضوء ؛ لمكان دلالة الجملة الفعلية على التجدّد والحدوث بخلاف الجملة الاسمية ، فيرتفع التنافي بين قوليه من أنّ « الرجل ينام » و « هو على وضوء » كما توهّم.
وأمّا لفظ « الخفقة » فقال في الصحاح : خفق الرجل : إذا حرّك رأسه وهو ناعس (١).
ثمّ إنّه هل هو سؤال عن مانعية العارض فيكون الشبهة حكمية ، أو عن (٢) عروض المانع فيكون الشبهة موضوعية؟ وجهان ، أظهرهما الأوّل ، فإنّ المنساق منها ذلك ، ويحتمل بعيدا أن يكون السؤال عن (٣) اطّراد حكم النوم في جميع أفراده ؛ لاختلافها ظهورا وخفاء بعد العلم بدخولها تحت ماهيّة النوم. وممّا يوضح ما ذكرنا من ظهور الرواية في السؤال عن الشكّ في مانعية العارض ملاحظة ما رواه الشيخ عن حسين بن سعيد عن فضالة عن حسين بن عثمان عن عبد الرحمن بن الحجّاج عن زيد الشحّام قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الخفقة والخفقتين؟ فقال عليهالسلام : « ما أدري [ ما الخفقة والخفقتان ] إنّ الله يقول : ( بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ )(٤) إنّ عليّا عليهالسلام كان يقول : من وجد طعم النوم فإنّما [ أ ] وجب عليه الوضوء » (٥).
ثمّ لا يخفى أنّ قول الإمام عليهالسلام : « قد تنام العين ولا ينام الأذن والقلب » صريح في عدم الملازمة بينهما ، وتوهّم عدم الانفكاك ساقط ، نعم الظاهر أنّ نوم الأذن يلازم نوم
__________________
(١) الصحاح ٣ : ١٤٦٩.
(٢) « م » : من.
(٣) « م » : ـ السؤال عن ، وفي « ج » : ـ عن.
(٤) القيامة : ١٤.
(٥) التهذيب ١ : ٨ / ١٠ ؛ الاستبصار ١ : ٨٠ / ٢٥٢ ؛ وسائل الشيعة ١ : ٢٥٤ ، باب ٣ من أبواب نواقض الوضوء ، ح ٨.