فلا يستعقب ضماناً ؛ ولأصالة البراءة.
( وقال ) آخرون ، ومنهم ( الشيخ ) في المبسوط والخلاف (١) ، مدّعياً فيه عليه إجماع الأُمّة : إنّه ( يضمن ) وإن جاز وضعه ؛ لأنّه سبب الإتلاف وإن أُبيح السبب كالطبيب والبيطار والمؤدِّب ، وللنصوص وهي كثيرة ، وإن اختلفت في الدلالة ظهوراً وصراحةً ، ففي الصحاح المتقدمة ( ورواية ) (٢) النوفلي عن ( السكوني ) قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من أخرج ميزاباً ، أو كنيفاً ، أو أوتد وتداً ، أو أوثق دابّة ، أو حفر شيئاً في طريق المسلمين فأصاب شيئاً فعطب فهو له ضامن » (٣).
وللنظر في هذه الأدلّة مجال ؛ لعدم الدليل على الضمان بمطلق الإتلاف حتى ما أبيح سببه ، والطبيب والبيطار خارجان بالنص المعتمد عليه ، وليس في محل البحث ؛ لقصور دلالة الروايات الصحيحة ، وعدم صحة سند الرواية الأخيرة ، ولا جابر لها من شهرة أو غيرها سوى حكاية إجماع الأمّة ، وهي موهونة بلا شبهة ، سيّما مع مخالفة نحو المفيد بل الناقل نفسه أيضاً في النهاية ، حيث قال : فإن أحدث في الطريق ماله إحداثه لم يكن عليه شيء (٤). وهو ممّن قد ادّعى الإجماع في المبسوط على جواز نصب الميزاب.
وبالجملة : الخروج عن أصالة البراءة القطعية بهذه الأدلّة جرأة عظيمة ، ولكن المسألة بعد لا تخلو عن شبهة ، فهي محل تردّد ، كما هو
__________________
(١) المبسوط ٧ : ١٨٩ ، الخلاف ٥ : ٢٩١.
(٢) في المختصر المطبوع : وهو رواية.
(٣) الكافي ٧ : ٣٥٠ / ٨ ، الفقيه ٤ : ١١٤ / ٣٩٢ ، التهذيب ١٠ : ٢٣٠ / ٩٠٨ ، الوسائل ٢٩ : ٢٤٥ أبواب موجبات الضمان ب ١١ ح ١.
(٤) النهاية : ٧٦١.