نعم عليه أكثر المتأخّرين ، بل في المسالك والروضة أنّه المشهور بين الأصحاب (١) ، وربما أُيّد بما مرّ من النصوص بإثبات الدية بكسر البعصوص فلا يملك استه ، وضرب العجان فلا يستمسك بوله ولا غائطه.
وفيه نظر ؛ لعدم دلالتها على كون الدية لأجل الجناية على المنفعة خاصّة كما هو مفروض المسألة ، والشهرة بنفسها ليست بحجة إلاّ أن تجعل لضعف الخبرين جابرة ، وهو حسن إن لم تعارضه الشهرة القديمة.
والظاهر ثبوتها على الخلاف ( و ) هو العمل بما ( في رواية ) من أنّه ( إن دام ) السلس ( إلى الليل لزمته الدية ) كاملةً ( و ) إن دام ( إلى الزوال ) لزم ( ثلثاها ، و ) إن دام ( إلى الضحوة ) لزم ( ثلث الدية ) (٢) فقد حكي القول به عن السرائر والنزهة والجامع والوسيلة (٣) ، واختاره من المتأخّرين الفاضل المقداد (٤) ، وادّعى المحقّق الثاني فيما حكي عنه (٥) الشهرة وجبر بها ضعف الرواية.
فالمسألة لذلك محل إشكال وريبة ، لكن الأصل يقتضي المصير إلى القول الثاني ؛ فإنّ لزوم كمال الدية على الإطلاق ممّا ينفيه أصالة البراءة ، فينبغي الاقتصار فيه على الصورة المتّفق عليها ، وهي الصورة الأُولى ، وأمّا الصور (٦) الباقية فالأصل عدم لزومه أيضاً.
__________________
(١) المسالك ٢ : ٥٠٥ ، الروضة ١٠ : ٢٦٤.
(٢) التهذيب ١٠ : ٢٥١ / ٩٩٤ ، الفقيه ٤ : ١٠٧ / ٣٦٢ ، الوسائل ٢٩ : ٣٧١ أبواب ديات المنافع ب ٩ ح ٣.
(٣) السرائر ٣ : ٣٩١ ، النزهة : ١٤٣ ، ١٤٦ ، ١٤٨ ، الجامع : ٥٩٤ ، الوسيلة : ٤٤٢ ، ٤٥٠.
(٤) التنقيح الرائع ٤ : ٥١٢.
(٥) مجمع الفائدة ١٤ : ٤٤٦.
(٦) في غير « ن » : الصورة.