إلاّ أنّ ظاهر المتأخّرين وفاقاً منهم للحلّي (١) الإطباق على خلافه ، فقالوا بعد نقلها ، والاعتراف بشهرتها : ( غير أنّ في السكوني ضعفاً ، والأولى اعتبار التفريط ) من صاحب الدابة في ضمانه ما أفسدته ( ليلاً كان ) الإفساد ( أو نهاراً ) فلو لم يفرّط في حفظها بأن آواها إلى مبيتها وأُغلق عليها الباب مثلاً فوقع الحائط أو نقب اللّصّ نقباً فخرجت ولم يعلم به وأفسدت فلا ضمان عليه ؛ لأنّه غير مفرّط.
وهو حسن ؛ للأُصول ، إلاّ أنّ في العدول عن الرواية المشهورة المدّعى عليها إجماع العصابة إشكالاً ، بل اللازم المصير إليها ؛ لانجبار ضعفها لو كان بالشهرة ، مع قوّة راويها كما عرفته غير مرّة ، سيّما وأن روى عنه عبد الله بن مغيرة المدّعى على تصحيح ما يصح عنه إجماع العصابة (٢).
ومع ذلك المستند غير منحصر فيها ، بل النصوص بمعناها بعد حكاية الإجماع المتقدمة مستفيضة مرويّة جملة منها في التهذيب في باب الزيادات من كتاب التجارة (٣) ، وكذا في الكافي في أواخر ذلك الكتاب (٤).
منها الصحيح على الظاهر : عن البقر والغنم [ والإبل ] بالليل تكون بالمرعى فتفسد شيئاً ، هل عليها ضمان؟ فقال : « إن أفسدت نهاراً فليس عليها ضمان ، من أجل أنّ أصحابه يحفظونه ، وإن أفسدت ليلاً فإنّ عليها ضمان » (٥).
__________________
(١) السرائر ٣ : ٤٢٤.
(٢) رجال الكشي ٢ : ٨٣٠.
(٣) التهذيب ٧ : ٢٢٤.
(٤) الكافي ٥ : ٣٠١.
(٥) الكافي ٥ : ٣٠١ / ١ ، التهذيب ٧ : ٢٢٤ / ٩٨١ ، الوسائل ٢٩ : ٢٧٧ أبواب موجبات الضمان ب ٤٠ ح ٣ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصادر.