ومنها : عن قول الله عزَّ وجلَّ ( وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ ) (١) فقال : « لا يكون النفش إلاّ باللّيل ، إنّ على صاحب الحرث أن يحفظ الحرث بالنهار ، وليس على صاحب الماشية حفظها بالنهار ، وإنّما رعيها بالنهار وأرزاقها ، فما أفسدت فليس عليها ، وعلى أصحاب الماشية حفظ الماشية باللّيل عن حرث الناس ، فما أفسدت بالليل فقد ضمنوا وهو النفش » الخبر (٢) ، وقريب منه غيره (٣).
وفي جملة من النصوص أنّ ذلك ممّا قضى به سليمان على نبينا وآله وعليه السلام (٤).
وظاهر سياقها كما ترى صريح في أنّه ليس على صاحب الدابّة ضمان ما أفسدته نهاراً ولو قصر المالك في حفظها ؛ لتعليلها بأنّه ليس عليه في النهار حفظها ؛ لأنّ فيه رعيها وأرزاقها ، وظاهر استناد الأصحاب إليها.
فما ذكره بعض الأفاضل (٥) وفاقاً للشهيد (٦) رحمهالله من كون النزاع بين القوم لفظيّاً ، وأنّ القدماء إنّما ذكروا الليل والنهار تبعاً للرواية ، وتمثيلاً للتفريط وعدمه ؛ لكون الغالب حفظ الماشية ليلاً. ليس بجيّد.
ولذا اعترضه شيخنا في المسالك والفاضل المقداد والمولى الأردبيلي (٧) رحمهالله فقال بعد نقله : وهو جيّد ، ولكن خلاف ظاهر
__________________
(١) الأنبياء : ٧٨.
(٢) الكافي ٥ : ٣٠١ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٢٢٤ / ٩٨٢ ، الوسائل ٢٩ : ٢٧٨ أبواب موجبات الضمان ب ٤٠ ح ٤.
(٣) الكافي ٥ : ٣٠٢ / ٣ ، الوسائل ٢٩ : ٢٧٨ أبواب موجبات الضمان ب ٤٠ ح ٥.
(٤) الوسائل ٢٩ : ٢٧٦ أبواب موجبات الضمان ب ٤٠.
(٥) كشف اللثام ٢ : ٥٢٤.
(٦) اللمعة ( الروضة البهية ١٠ ) : ٣٢٧.
(٧) المسالك ٢ : ٥١١ ، التنقيح ٤ : ٥٢٨ ، مجمع الفائدة والبرهان ١٤ : ٣٥٤.