ومجرد التعبير منهم عليهمالسلام عن أولئك بأنهم ثقات أو السؤال منهم عليهمالسلام عن وثاقتهم لأجل العمل بروايتهم ، لا يشهد بعموم حجية خبر الثقة ، لأن الوثاقة من الأمور الإضافية التي تختلف باختلاف الأشخاص ، ومفاد هذه الروايات حجية خبر من هو ثقة عند الأئمة عليهمالسلام بضوابطهم الدقيقة ، والمطلوب حجية خبر من هو ثقة عند المكلف وعامة الناس بضوابطهم العامة. ولذا كانت هذه الروايات شهادات رافعة للأشخاص المذكورين إلى مراتب عالية في الجلالة تقرب من العصمة في التبليغ ، وليست كشهادة سائر الناس للرجل بالوثاقة.
ومنه يظهر عدم صحة الاستشهاد بما في التوقيع الشريف : «فإنه لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فما يرويه عنّا ثقاتنا ، قد عرفوا بأنا نفاوضهم سرنا ونحملهم إياه إليهم» (١) ومثله ما في تفسير الإمام العسكري عليهالسلام في بيان المتمسك بالقرآن : «هو الذي يأخذ القرآن وتأويله عنا أهل البيت وعن وسائطنا السفراء عنا إلى شيعتنا» (٢) لعدم وضوح كون المراد بالسفراء جميع الرواة من الشيعة أو الثقات منهم ، بل لعلهم خصوص المنصوبين من قبلهم عليهمالسلام من ثقاتهم وخواصهم.
نعم ما تضمن الإرجاع للثقة ظاهر في إيكال تشخيصه للمكلف بالضوابط العرفية العامة ، كما هو الحال في بعض نصوص الطائفة الأولى.
«الطائفة الرابعة» : ما يدل بنفسه على المفروغية عن حجية خبر الواحد في الجملة ،مثل معتبر الفضل بن شاذان المتقدم عند الكلام في آية النفر. ونحوه معتبر عبد المؤمن الأنصاري عن الصادق عليهالسلام في تفسير قول النبي صلىاللهعليهوآله : «اختلاف أمتي رحمة» قال عليهالسلام : «إنما أراد قول الله عزوجل : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِ
__________________
(١) الوسائل ج : ١٨ باب : ١١ من أبواب صفات القاضي حديث : ٤٠.
(٢) الوسائل ج : ١٨ باب : ٥ من أبواب صفات القاضي حديث : ٨.