الثاني : إجماع المسلمين بما هم مسلمون متدينون على العمل به في الشرعيات.
الثالث : إجماع العقلاء بما هم عقلاء على العمل به في أمورهم العامة.
والفرق بين هذا الوجه وما قبله أن هذا الوجه يسقط عن الحجية بثبوت الردع عنه من الشارع ، بخلاف الوجهين الأولين فإنهما لا ينهضان بالحجية إلا مع إحراز مطابقتهما لرأي المعصوم ، ومعه لا يعقل ثبوت الردع عن مؤداهما.
ويترتب على ذلك أنه لو ورد ما ظاهره الردع كان محكوما بالوجهين الأولين لو تمّا ، لامتناع حجية الظهور مع القطع بكذبه ، وحاكما على الوجه الثالث لو انحصر الدليل به ، لحجية الظهور وصلوحه للردع عن الوجه المذكور ، فيسقط عن الحجية.
أما الوجه الأول : فيمكن تحصيله بتتبع طريقة العلماء في مقام الاستدلال من زماننا إلى زمان الشيخين ، بل من قبلهما من أرباب الفتاوى ، سواء كانوا في مقام تحرير الفتاوى ، أو الاستدلال عليها ، أم في مقام بيانها بطريق إيداع الرواية ، كما هو حال مثل الكليني في الكافي والصدوق في الفقيه. فإنهم متسالمون على الاستدلال بأخبار الآحاد والفتوى في فروع كثيرة ليس فيها إلا خبر واحد لا يوجب العلم. على ذلك جرى عامتهم لا ينكرونه ولا يتوقفون فيه. وإن أنكر بعض من يدعي عدم حجية الخبر ذلك في بعض الفروع جرى عليه في بقيتها وأغفل مبناه. وإلا اختل نظام الفقه والاستدلال.
ويقطع بأنهم قد جروا في ذلك على سنن من كان قبلهم من معاصري الأئمة عليهمالسلام وأصحابهم ، بنحو يقطع معه بإقرارهم عليهمالسلام لهم على ذلك ، لامتناع الابتداع عادة والخروج عن طريقة عامة العلماء في مثل ذلك ، لتعذر الاتفاق عليه دفعة واحدة في عصر واحد عادة. وانفراد البعض به في بعض العصور ـ ثم