شيوع طريقته بين المتأخرين عنه ـ مثار للإنكار والتشنيع من معاصريه وأتباعهم. ولو كان لوصل ، لأهميته ، وتوفر الدواعي لنقله.
وأما احتمال ابتناء عمل القدماء بالأخبار على احتفافها بالقرائن القطعية ، لا على حجيتها في أنفسها ، وقد اشتبه ذلك على المتأخرين عنهم ، فتوهموا اتفاقهم على حجيتها ، وعملوا بها لذلك بعد خفاء القرائن عليهم. فلا مجال له ، لأن تحرّي القرائن القطعية في جميع الفروع الفقهية وضبطها محتاج إلى عناية خاصة لو كان بناء القدماء عليها لما خفي على المتأخرين مع تقارب العصور واتصال بعضهم ببعض وأخذ كل منهم عمن تقدمه.
والإنصاف أن ملاحظة ذلك توجب وضوح الحال بنحو يغني عن تجشم الاستدلال وتكلف البحث والنظر.
هذا وقد صرح بالإجماع بالوجه المذكور جمع من الأصحاب.
منهم : الشيخ قدسسره في العدة. قال في مقام الاستدلال على مختاره من حجية الخبر : «والذي يدل على ذلك إجماع الفرقة المحقة ، فإني وجدتها مجمعة على العمل بهذه الأخبار التي رووها في تصانيفهم ودونوها في أصولهم لا يتناكرون ذلك ولا يتدافعونه ، حتى أن واحدا منهم إذا أفتى بشيء لا يعرفونه سألوه من أين قلت هذا؟ فإذا أحالهم على كتاب معروف أو أصل مشهور وكان راويه ثقة لا ينكر حديثه ، سكتوا وسلموا الأمر في ذلك وقبلوا قوله. وهذه عادتهم وسجيتهم من عهد النبي صلىاللهعليهوآله ومن بعده من الأئمة عليهمالسلام ، ومن زمن الصادق جعفر بن محمد عليهالسلام الذي انتشر العلم عنه وكثرت الرواية من جهته. فلو لا أن العمل بهذه الأخبار كان جائزا لما أجمعوا على ذلك ولأنكروه ، لأن إجماعهم فيه معصوم لا يجوز عليه الغلط والسهو» (١).
__________________
(١) العدة ج : ١ ص : ١٢٦ ـ ١٢٧.