ثم أطال في تعقيب ذلك إلى أن قال : «ما أنكرتم أن يكون الذين أشرتم إليهم لم يعملوا بهذه الأخبار لمجردها ، بل إنما عملوا بها لقرائن اقترنت بها دلتهم على صحتها ، [و] لأجلها عملوا بها ... قيل له : القرائن التي تقترن بالخبر وتدل على صحته أشياء مخصوصة ـ نذكرها فيما بعد ـ من الكتاب والسنة والإجماع والتواتر ، ونحن نعلم أنه ليس في جميع المسائل التي استعملوا فيها أخبار الآحاد ذلك ، لأنها أكثر من أن تحصى ، موجودة في كتبهم وتصانيفهم وفتاواهم ، لأنه ليس في جميعها يمكن الاستدلال بالقرآن ، لعدم ذكر ذلك في صريحه وفحواه ، أو دليله ومعناه ، ولا في السنة المتواترة ، لعدم ذلك في أكثر الأحكام ، بل لوجودها في مسائل معدودة ، ولا في الإجماع لوجود الاختلاف في ذلك ، فعلم أن ادعاء القرائن في جميع هذه المسائل دعوى محالة. ومن ادعى القرائن في جميع ما ذكرناه كان السبر بيننا وبينه ، بل كان معوّلا على ما يعلم ضرورة خلافه ... ومن قال عند ذلك إني متى عدمت شيئا من القرائن حكمت بما كان يقتضيه العقل ، يلزمه أن يترك أكثر الأخبار وأكثر الأحكام ، ولا يحكم فيها بشيء ورد الشرع به ، وهذا حد يرغب أهل العلم عنه ، ومن صار إليه لا يحسن مكالمته ، لأنه يكون معولا على ما يعلم من الشرع خلافه» (١).
ومنهم : السيد رضي الدين بن طاوس قدسسره ففي محكي كلامه الذي ردّ به على السيد قدسسره : «لا يكاد تعجبي ينقضي كيف اشتبه عليه أن الشيعة [لا] يعمل بأخبار الآحاد في الأمور الشرعية ، ومن اطلع على التواريخ والأخبار وشاهد عمل ذوي الاعتبار وجد المسلمين والمرتضى وعلماء الشيعة الماضين عاملين بأخبار الآحاد ، بغير شبهة عند العارفين ، كما ذكر ذلك محمد بن الحسن الطوسي في كتاب العدة وغيره من المشغولين بتصفح أخبار الشيعة وغيرهم من
__________________
(١) العدة ج : ١ ص : ١٣٥ ـ ١٣٦.