على أن المبنى المذكور ضعيف في نفسه ، إذ لا وجه لوجوب العمل بالظن على المكلف مع عدم حجيته شرعا بعد أن كان المفروض في محل الكلام أن التنزل من الموافقة القطعية ـ عند تعذرها ـ للموافقة الاحتمالية من وظيفة الشارع الأقدس ، حيث لا بد مع ذلك من كون تحديد الموافقة الاحتمالية وتعيين مرتبتها من وظيفته أيضا ، لامتناع الإهمال في موضوع حكمه. ومعه يمتنع عمل المكلف بالظن مع عدم حجيته شرعا. وقد ظهر من جميع ذلك عدم نهوض هذه المقدمة بإثبات تعين العمل بالظن شرعا أو عقلا.
نعم قد يدعى لزوم العمل بالظن بلحاظ أن تعذر الامتثال العلمي يقتضي التنزل للامتثال الظني ، لأنه المرتبة الثانية للطاعة.
لكنه يشكل ـ مع عدم وضوح الكبرى المذكورة ، خصوصا مع اختلاف المسائل في الأهمية ـ بأن الامتثال الظني لا يكون بالاقتصار على موافقة مظنون التكليف ، بل لا بد فيه مع ذلك من ضم الموافقة في الشك في التكليف من دون ترجيح ، والاقتصار في ترك موافقة احتمال التكليف على موارد الظن بعدم التكليف ، كما نبّه له في الجملة بعض الأعاظم قدسسره.
ومن هنا ينبغي أن يقال : بعد فرض تنجز التكليف بسبب العلم الإجمالي فاللازم عقلا ـ بعد فرض عدم وجوب الاحتياط التام ، للزوم العسر والحرج واختلال النظام ، وتنزل الشارع للموافقة الاحتمالية بتبعيض الاحتياط ـ الاقتصار في ترك الاحتياط على ما يرتفع به الحرج واختلال النظام ، بترجيح الاحتمال الأقوى للتكليف على غيره ، وترجيح التكليف الأهم أو المحتمل الأهمية على غيره. ومع تزاحم الجهتين ـ كما لو دار الأمر بين الأقوى احتمالا الأضعف ملاكا ، والأقوى ملاكا الأضعف احتمالا ـ يتعين التخيير.
نعم حيث يصعب ضبط ذلك وتحديده ، لاختلاف الأشخاص في الطاقة