فيما هو مورد الابتلاء من المسائل ، فالرجوع لذلك يستلزم الهرج والمرج واختلال النظام ، ومن أجل ذلك يعلم بتعيين الشارع في فرض الانسداد طريقا منضبطا في الجملة يسهل الرجوع إليه والعمل عليه ، وذلك موجب للاقتصار على المتيقن من الطرق المحتملة الجعل ، وهو الطرق العرفية ، كخبر الثقة والظواهر ونحوها ، لأنها الطرق التي يلتفت المكلف لطريقيتها بنفسه. فهذه الطرق لو لم يتيسر إثبات حجيتها ابتداء أو إمضاء لسيرة العقلاء فلا إشكال في حجيتها في فرض الانسداد بعد الالتفات لما سبق.
ولو فرض عدم وجود الطرق المذكورة في مورد الانسداد تعين الرجوع للظن ، لا لقبح ترجيح المرجوح على الراجح ، بل لأنه الطريق الميسور للمكلف الذي يلتفت إليه بنفسه بعد عدم تيسر غيره وعدم التفاته له ، إذ يقطع مع ذلك برضا الشارع بسلوكه في ظرف تمامية المقدمتين الأوليين. ولو فرض عدم الظن تعين التخيير بين الأطراف.
ولا يختص ما ذكرنا بانسداد باب العلم في معظم الأحكام الذي هو محل الكلام ، بل يجري مع تمامية المقدمتين الأوليين ولو في مسألة واحدة.
هذا وقد أطال شيخنا الأعظم قدسسره وجملة ممن تأخر عنه في تنبيهات هذا الدليل ولواحقه. ولا ينبغي لنا صرف الوقت في ذلك بعد ما ظهر من عدم تمامية أصل الدليل المذكور.
وبذلك ينتهي الكلام في مباحث الحجج.
والحمد لله رب العالمين.