التصويب ، فالمتعين حمله على رفعه ظاهرا وعدم تنجزه ، على ما تقدم عند الكلام في حقيقة الأصول غير التعبدية من مبحث الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري. وحينئذ تكون الآية معارضة لأدلة وجوب الاحتياط المقتضية لتنجز الواقع في ظرف الجهل به ، كما تقدم.
ودعوى : ظهور الآية في توقف المؤاخذة على قيام الحجة في الجملة وإن كانت على وجوب الاحتياط ، ولا دلالة لها على لزوم بيان التكليف المؤاخذ به ، كما ذكره بعض الأعاظم قدسسره. ممنوعة جدا ، لتعلق الإيتاء فيها بنفس التكليف الملزم به ، الظاهر في إرادة إيصاله بنفسه.
ومثله ما ذكره بعض الأعيان المحققين قدسسره من ظهورها في عدم صلوح التكليف الواقعي غير الواصل بنفسه للإلزام والمؤاخذة ، لا مطلقا ، فلا تنافي ترتب الإلزام والمؤاخذة عليه بضميمة وجوب الاحتياط. لاندفاعه بظهورها في اعتبار وصول التكليف بنفسه في ترتب الإلزام والمؤاخذة عليه ، فلا يكفي وجوب الاحتياط في ذلك بعد أن لم يكن مقتضيا لوصول التكليف. ومن ثم كان الظاهر تمامية دلالة الآية في المقام لو تم كون المراد بالإيتاء هو الإعلام في المقام.
لكن الظاهر عدم تمامية ذلك ، لأن حقيقة الإيتاء الإعطاء ، فلا بد إما من حمله على ذلك مع حمل الموصول على المال ، ويرجع التكليف به للتكليف بإنفاقه ، أو حمله على الإقدار مجازا مع حمل الموصول على الفعل ، ويكون التكليف به حقيقيا. وكلاهما مناسب لورود القضية مورد التعليل لما قبلها وللسياق. قال تعالى : (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً).
وإن كان الأول أقرب ، لأنه المعنى الحقيقي ، ولما يستلزمه الثاني من