موضوع عنهم» (١). فإنه ظاهر في أن الحكم الواقعي المجهول موضوع عن المكلفين ، فيدل على عدم وجوب الاحتياط ويعارض أدلته لو تمت. ومما تقدم في حديث الرفع يظهر عمومه للشبهة الحكمية والموضوعية معا.
وقد استشكل في الاستدلال المذكور شيخنا الأعظم قدسسره بأن الظاهر مما حجب الله علمه ما لم يبينه للعباد ، لا ما بينه واختفى عليهم بسبب من عصى في تضييع الحق ، فهو مساوق لما عن أمير المؤمنين عليهالسلام من قوله : «إن الله حدّ حدودا فلا تعتدوها ، وفرض فرائض فلا تنقصوها ، وسكت عن أشياء لم يسكت عنها نسيانا فلا تكلفوها ، رحمة من الله لكم ، فاقبلوها» (٢).
وفيه : أن منشأ الظهور المذكور إن كان هو نسبة الحجب له تعالى ، فيكون كناية عن عدم إيصال الحكم للرسل أو عدم أمرهم بتبليغه ، فالظاهر أنه يكفي في صحة النسبة استناد الفعل له سبحانه ، بتقدير أسبابه ، ولو بتوسط الناس ، كما هو الحال في نسبة الرزق والابتلاء ونحوهما إليه تعالى. وإن كان منشؤه ظهور فرض الحجب عن العباد في إرادة جميعهم الراجع لعدم تصديه سبحانه لبيان الحكم حتى للرسل ، فالظاهر أن العموم في العباد ليس مجموعيا بل انحلاليا ، راجعا إلى وضع التكليف عن كل من حجب عنه ، نظير العموم في حديث الرفع ، لأن ذلك هو المناسب لكون القضية ارتكازية.
الثالث : ما عن الفقيه : «قال الصادق عليهالسلام : كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي» (٣) ، وما عن أمالي الشيخ بسنده عنه عليهالسلام : «الأشياء مطلقة ما لم يرد عليك أمر ونهي» (٤) ، وعن عوالي اللآلي : «كل شيء مطلق حتى يرد فيه نص» (٥). قال
__________________
(١) الوسائل ج : ١٨ باب : ١٢ من أبواب صفات القاضي حديث : ٢٨.
(٢) الوسائل ج : ١٨ باب : ١٢ من أبواب صفات القاضي حديث : ٦١.
(٣) الوسائل ج : ١٨ باب : ١٢ من أبواب صفات القاضي حديث : ٦٠.
(٤) مستدرك الوسائل باب : ١٢ من أبواب صفات القاضي حديث : ٦.
(٥) مستدرك الوسائل باب : ١٢ من أبواب صفات القاضي حديث : ٨.