مناسب لما ذكرنا ، لأنه إذا أمكن تنازل العقل عن لزوم الفراغ اليقيني بالتعذر أمكن تنازله عنه مع اكتفاء الشارع بالامتثال الاحتمالي. والثاني بعيد جدا ، بل تأباه المرتكزات العقلية ، فهل يحتمل مثلا مع تعذر معرفة القبلة وترددها بين جهتين أن يسقط وجوب الاستقبال بالميت أو بالصلاة ، فيجوز دفن الميت أو الصلاة لجهة ثالثة يعلم بعدم وجود القبلة فيها؟.
ودعوى : أن العقل يختص بمقام الامتثال ، ولا دخل للشارع فيه. إنما تسلم بالإضافة إلى وجوب الامتثال ثبوتا ، لا بالإضافة إلى مقام الإثبات عند الشك فيه ، بل كما كان له التعبد بحصوله ، كان له الاكتفاء بالامتثال الاحتمالي حينئذ. ولا أقل من الشك المانع من الجزم بالامتناع ، حيث لا يصح حينئذ طرح ظواهر الأدلة فرارا عن اكتفاء الشارع بالامتثال الاحتمالي.
ومن هنا لا ضرورة للالتزام بأن القواعد الشرعية التي هي المرجع في مقام الامتثال ـ كقاعدة الفراغ ، ونفي الشك لكثير الشك ، وفي النافلة ـ راجعة إلى التعبد شرعا بالامتثال بلسان الطريق أو الأصل. بل لا مانع من البناء على رجوعها للاكتفاء بالامتثال الاحتمالي. إلا أن تكون أدلتها ظاهرة في التعبد المذكور.
ثم إن الشك في الامتثال .. تارة : يكون للشك في تحقق المكلف به مع وضوحه مفهوما ومصداقا ، كما لو شك المكلف في أنه هل صلى أو لا أو أن صلاته عن طهارة أو لا.
وأخرى : يكون للشك في انطباق المكلف به على بعض الأمور إما لتردده بين المتباينين بنحو الشبهة الحكمية ـ كدوران الأمر بين القصر والتمام ، أو الظهر والجمعة ـ أو الموضوعية ـ كتردد القبلة بين جهتين ـ أو لاحتمال توقف تحققه على خصوصية مفقودة.
أما الأول فهو أظهر موارد قاعدة الاشتغال. وأما الثاني فما كان التردد فيه