بقي شيء
وهو أن المحذور المذكور مختص بجريان الأصول الترخيصية في أطراف العلم الإجمالي بالتكليف ، ولا موضوع له في غير ذلك.
لكن الظاهر عموم المنع لكل مورد ينافي حجية العلم ، وإن كان المعلوم بالإجمال أمرا غير التكليف ، ولا يلزم من جريان الأصل في تمام الأطراف المعصية. لأن حجية العلم حيث كانت ذاتية لا تقبل الردع تعين امتناع جعل الأصل المخالف لها عملا.
مثلا : لو علم إجمالا باستحباب أحد أمرين امتنع جريان الأصل النافي للاستحباب فيهما معا ، لأن العلم باستحباب أحدهما ـ بمقتضى حجيته الذاتية ـ ينقح موضوع حسن الطاعة ، كما ينقح العلم بوجوب أحدهما موضوع وجوبها ، ولا مجال مع ذلك للتعويل على الأصل المذكور. ومن ثم حكموا بأنه لو علم ببطلان إحدى النافلتين لم تجر قاعدة الفراغ فيهما معا.
كما أنه لو علم بإباحة أحد أمرين امتنع الرجوع للأصل المقتضي لحرمة كل منهما ـ كالاستصحاب ـ لأن مقتضى الأصل المذكور تنجيز احتمال الحرمة في كل منهما والتعبد بها ، بحيث يكون تركه بملاك المعصية فيه ، وهو مناف للعلم بإباحة أحدهما.
نعم لو ترتب الأثر على الأصل الجاري في بعض الأطراف بالنحو الذي لا ينافي العلم المذكور اتجه جريانه ، كما لو كان لأحد الطرفين المسبوقين بالنجاسة والمعلوم فعلا طهارة أحدهما ملاق برطوبة فإنه يتعين استصحاب نجاسة الملاقى لإثبات نجاسة الملاقي ، لعدم منافاته للعلم بطهارة أحدهما ، بخلاف ما لو كان لكل منهما ملاق ، فإنه لا مجال لاستصحاب نجاستهما معا لإثبات نجاسة الملاقيين ، لمنافاته للعلم بطهارة أحدهما وطهارة ملاقيه.