لكنه يندفع بأن صلوح التكليف للداعوية ليكون مقربا للعبد ليس هو الغرض المقوم للتكليف ، الذي به يكون موضوعا لحكم العقل بوجوب الطاعة وقبح المعصية ، وموردا للعمل والتنجيز. ومن ثم كانت التعبدية قيدا في التكليف مخالفا لإطلاقه.
نعم هو أثر مناسب لمطلق المشروعية غير المختصة بالتكليف والشاملة للاستحباب والكراهة. بل هو لا يختص بالأحكام الشرعية ، فإن انفتاح باب التقرب يجري حتى في الأحكام العرفية ، غاية الأمر أن حسن التقرب والتعبد عقلا يختص بالأحكام الشرعية ، لمناسبته لمقام العبودية وكونه سببا لتطهير النفس.
وأما الزجر عن الأمور المذكورة في كلامه فمن الظاهر أنه لم يرد به الخطاب الشخصي من الشارع الأقدس في حق من استحكم الداعي في نفسه لتحقيق مقتضاها ، لينافي ما تقدم ، بل هو بين ما استفيد حرمته من أدلة لبية ، أو ورد الخطاب به بنحو القضية الحقيقية ، لبيان الضوابط الشرعية العامة في حق جميع المكلفين بما فيهم من لم يستحكم في نفسه الداعي المذكور ، فلا تنافي عدم فعلية التكليف في مورد عدم الابتلاء ، كما لا تنافي عدم فعليته في حق العاجز.
ولا سيما مع أن استحكام الداعي في النفس قد يكون مسببا عن استهجان العرف العام للفعل بسبب ورود التكليف ، ولولاه لم يستهجن الفعل حتى يستحكم الداعي لتركه ، فإن ذلك يوجب حسن الخطاب بالتكليف بنحو العموم ، وإن كان يسقط عن الفعلية باستحكام الداعي لمقتضاه.
نعم ما تقدم من المحقق الخراساني قدسسره مبني على أن الغرض من التكليف هو إحداث الداعي نحو مقتضاه. والظاهر عدم تمامية ذلك ، ولذا يحسن