الثاني : أن العنوان الموجب للترخيص كالاضطرار لما لم ينطبق على مورد التكليف الإجمالي بخصوصه لم يكن صالحا لرفع التكليف المذكور. ومجرد الاضطرار للجامع بين الأطراف لا يكفي في رفع التكليف عن بعضها بخصوصه بعد عدم كونه مضطرا إليه. ولذا لا يكون الاضطرار بالنحو المذكور رافعا للتكليف مع العلم التفصيلي بمورده. غاية الأمر أن الاضطرار بالنحو المذكور يقتضي جواز رفعه واقعا وظاهرا بأحد الأطراف وإن صادف مورد التكليف ، ومع عدم ارتفاع التكليف الإجمالي يتعين تنجز احتماله في تمام الأطراف ، وذلك ملزم بالاحتياط فيما بقي منها بعد رفع الاضطرار ، كما هو الحال فيما لو تلف بعض الأطراف.
وفيه : أولا : أن ما ذكر ـ من عدم ارتفاع التكليف المعلوم بالإجمال بعد عدم الاضطرار لمورده بخصوصه في محل الكلام ـ وإن كان هو مقتضى الجمود على لسان دليل الاضطرار ، كقوله صلىاللهعليهوآله في حديث الرفع المشهور : «رفع عن أمتي تسعة أشياء : الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه ... وما اضطروا إليه» (١) وقوله عليهالسلام : «ليس شيء مما حرم الله إلا وقد أحله لمن اضطر إليه» (٢). وكذا الحال في الإكراه.
إلا أنه لا مجال له في مثل دليل العسر والحرج ، لظهوره في عدم جعل الحكم الموجب لهما ولو عرضا بسبب اشتباه مورده المقتضي للاحتياط في تمام أطراف الاشتباه.
وكذا الحال في مثل المزاحمة للتكليف الأهم ، لأن التكليف المهم وإن لم يزاحم الأهم بنفسه في مورد الاشتباه ، إلا أنه بسبب الاشتباه المقتضي للاحتياط
__________________
(١) الوسائل ج : ١١ باب : ٥٦ من أبواب جهاد النفس حديث : ١.
(٢) الوسائل ج : ١٦ باب : ١٢ من كتاب الأيمان حديث : ١٨.