نعم لما كان الإجماع والسيرة المذكوران دليلين لبّيين فاللازم الاقتصار على المتيقن من مواردهما ، والرجوع في غيره لمقتضى حكم العقل المتقدم.
وضبط المتيقن من الإجماع والسيرة صعب جدا. فاللازم النظر في بقية الوجوه ، ليكون التحديد تابعا لها ، ولا سيما مع قرب ابتناء الإجماع والسيرة عليها.
الثاني : النصوص الظاهرة في عدم وجوب الاحتياط في موارد العلم الإجمالي ، كصحيح عبد الله بن سنان ، وغيره مما تقدم عند الكلام في حرمة المخالفة القطعية للعلم الإجمالي ، حيث ذكرنا هناك لزوم حمله على الشبهة غير المحصورة ، خروجا عن محذور مخالفة العلم الإجمالي المنجز.
نعم لما كان مقتضى إطلاق تلك النصوص عدم وجوب الاحتياط حتى في الشبهة المحصورة ، فمع عدم إمكان الالتزام بذلك ، ولزوم حمله على الشبهة غير المحصورة ، فالظاهر أن ذلك لا يرجع عرفا إلى تقييد الإطلاق المذكور مع عمومه في نفسه ، ليقتصر فيه على المتيقن من موارد الشبهة غير المحصورة ، بل إلى كون المراد به الإشارة إلى ما هو المعهود من الشبهة غير المحصورة ، من دون أن ينهض بتحديدها.
الثالث : ما أشار إليه في الشرائع من التعليل بدفع المشقة. وظاهره إرادة قاعدة نفي الحرج بتقريب : أن التكاليف الواقعية وإن لم تكن حرجية بنفسها ، إلا أنها بسبب الاشتباه في الأطراف الكثيرة تستلزم الحرج بالعرض ، وحينئذ يتعين البناء على سقوطها عن الفعلية ، أو رفع اليد عن الموافقة القطعية ، والاكتفاء بالموافقة الاحتمالية. وقد تقدم في التنبيه السادس أن الثاني هو الأظهر.
ويندفع بأن ذلك أعم من وجه ، لأن الحرج قد يلزم مع الشبهة المحصورة ـ بل مع العلم التفصيلي ـ لخصوصية في مورد التكليف. كما أن الاجتناب عن الشبهة غير المحصورة قد لا يستلزم الحرج ، لعدم شدة حاجة