المكلف لأطراف الاشتباه. فلا ينفع ذلك في إثبات المدعى ، وهو عموم عدم وجوب الاجتناب في الشبهة غير المحصورة.
إن قلت : حيث يلزم من اجتناب الشبهة غير المحصورة الحرج نوعا تعين البناء على عدم وجوب الاجتناب عنها. لا لقاعدة نفي الحرج ، لما هو الظاهر من المراد بها الحرج الفعلي الشخصي ، دون النوعي. بل لما تضمنته بعض النصوص من عدم تضمن الشريعة حكما يستلزم الحرج نوعا ، مثل ما ورد في تعليل عدم وجوب الغسل من البول (١) وغيره.
قلت : المراد من النصوص المذكورة ـ لو استفيد منها العموم ـ عدم تشريع كبرى شرعية مستلزمة للحرج نوعا ، كوجوب الغسل من البول. ولا ينافي ثبوت كبرى انتزاعية يلزم منها الحرج نوعا متفرعة على كبرى أو كبريات شرعية لا يلزم من كل منها الحرج نوعا ، كلزوم أداء الواجبات الأولية على المريض التي هي منتزعة من مجموعة صغريات لكبريات شرعية شاملة للمريض لا يلزم منها الحرج نوعا ، كوجوب الصلاة التامة ، والصوم ، وتطهير المسجد ، وتغسيل الميت ، وغيرها. بل غاية ما يلزم تخصيص الكبريات المذكورة في مورد الحرج الشخصي الفعلي تحكيما لقاعدة نفي الحرج.
ومن الظاهر أن وجوب الاحتياط في الشبهة غير المحصورة ليس مفاد كبرى شرعية ، لتنافي النصوص المشار إليها ، بل هو منتزع من صغريات لكبريات لا يلزم منها الحرج نوعا ، ككبرى حرمة أكل النجس وشربه ، واعتبار الطهارة في الوضوء والصلاة ، وحرمة الغصب وغيرها من الأحكام التي لا تختص بموارد الشبهة غير المحصورة. غايته أن عموم تلك الأحكام لموارد الشبهة غير المحصورة مقتض لحكم العقل بوجوب الاحتياط فيها ، ومنه تنتزع
__________________
(١) راجع الوسائل ج : ١ باب : ٢ من أبواب الجنابة.