كبرى وجوب الاحتياط في الشبهة غير المحصورة ، وليست هي كبرى شرعية ، لترجع إلى تشريع حكم يلزم منه الحرج نوعا.
الرابع : أن كثرة الأطراف توجب ضعف احتمال التكليف في كل منها بنحو لا يعتني به العقلاء في مقام العمل ، ولا يصلح للتنجيز بملاك دفع الضرر المحتمل. قال شيخنا الأعظم قدسسره : «ألا ترى الفرق الواضح بين العلم بوجود السمّ في أحد الإناءين أو واحد من ألفي إناء؟».
وفيه أولا : أن لازمه الاقتصار في جواز ارتكاب أطراف الشبهة غير المحصورة على صورة ضعف احتمال التكليف ، ولا يظهر منهم البناء على ذلك.
وثانيا : أن ذلك إن رجع إلى أن كثرة الأطراف تمنع من منجزية العلم الإجمالي ، بحيث لا يكون بيانا على التكليف ، ويكون العقاب معه عقابا بلا بيان.
فيدفعه أنه لا فرق في منشأ منجزية العلم الذاتية بين كثرة الأطراف وقلتها ، كما يظهر مما تقدم في مبحث منجزية العلم الإجمالي من مباحث القطع.
وإن رجع إلى أن العلم وإن كان بيانا ومنجزا للمعلوم إلا أنه لا يقتضي الاحتياط مع ضعف الاحتمال. فهو مما لا يمكن البناء عليه ، ولذا لا إشكال في عموم وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة للأطراف التي يضعف فيها احتمال التكليف. وذلك لعموم وجوب دفع الضرر المحتمل إذا كان مهما ـ كضرر العقاب في المقام ـ لصورة ضعف الاحتمال.
وعدم الاحتياط في مثال السمّ المتقدم ـ لو تم ـ إنما هو لمزاحمة محذور الاحتياط للضرر المعلوم إجمالا ، لما في الاحتياط مع كثرة الأطراف من المشقة