من أهل المعقول والمنقول المعتضدان بالشهرة العظيمة دليلا في المسألة ...».
لكن لم يتضح الوجه في اعتبار قصد الوجه في العبادة ، إذ لو أريد به أنه معتبر عند العقلاء في الإطاعة فقد سبق في مبحث التعبدي والتوصلي أنه لا يعتبر فيها عندهم قصد التقرب ، فضلا عن قصد الوجه. ولذا كان الأصل في الأوامر التوصلية. كيف ولو كان معتبرا في أصل الإطاعة لزم تعذرها بتعذر الفحص وعدم مشروعية الاحتياط حينئذ مع مفروغيتهم من مشروعيته. والفرق بين صورتي التعذر وعدمه تأباه المرتكزات العقلائية جدا. ولعل مراد المتكلمين دخل قصد الوجه أو قصد الأمر في ترتب المدح والثواب ، كما هو ظاهر بعض كلماتهم.
وإن أريد أنه معتبر شرعا في خصوص العبادات مع التمكن منه بتيسر الفحص فلا بد من إقامة الدليل عليه ، بعد أن كان مقتضى الأصل عدم اعتبار قصد التقرب ـ كما سبق ـ فضلا عن قصد الوجه. والظاهر عدم الدليل على ذلك ، بل إهمال الشارع التنبيه عليه مع غفلة العقلاء بل المتشرعة عنه موجب للقطع بعدم اعتباره. بل قال شيخنا الأعظم قدسسره في مبحث الانسداد : «إن معرفة الوجه مما يمكن للمتأمل في الأدلة وفي إطلاقات العبادة وفي سيرة المسلمين وسيرة النبي صلىاللهعليهوآله والأئمة عليهمالسلام مع الناس الجزم بعدم اعتبارها حتى مع التمكن من المعرفة العلمية. ولذا ذكر المحقق قدسسره ـ كما في المدارك في باب الوضوء ـ أن ما حققه المتكلمون من وجوب إيقاع الفعل لوجهه أو وجه وجوبه كلام شعري».
وأما دعوى الإجماع المتقدمة عن السيدين فالظاهر أنها أجنبية عما نحن فيه ، وأن المراد بها ما إذا كان عمل الجاهل المعتقد بخلاف الواقع على طبق اعتقاده المخالف للواقع ، ردا على المصوبة القائلين بصحة عمله ، لانقلاب الواقع في حقه. قال في الروض فيما لو أتم المسافر جاهلا بوجوب القصر عليه :