المسلمين على الاكتفاء بالمرة ، بل هو خلاف المقطوع به في مورد الحديث ، وهو الحج.
قلت : ليس ذلك قرينة عرفية على الحمل على المعنى الثاني بعد أن كان خلاف الظاهر في نفسه. بل يتعين الحمل على الاستحباب مع الحفاظ على المعنى الأول. ولعله الظاهر مما سبق في رواية العامة ، كما يناسبه ظهور عدم الاستطاعة في عدم الصبر على الاستمرار على الإطاعة الذي هو محذور مع الوجوب قد يوجب توقعه الرأفة بعدم تشريعه ، لا عدم الاستطاعة الحقيقية الذي هو ليس محذورا مع الوجوب ، ولا يمنع توقعه من تشريعه ، إذ يتعين حينئذ حمل الأمر بالإتيان بالشيء بقدر الاستطاعة على استمرار المكلف عليه ما لم يضق به ذرعا ، وذلك يناسب الاستحباب.
كما أنه مقتضى الجمع بينه وبين ما عن عوالي اللآلي عن الشهيد عن ابن عباس قال : «لما خطبنا رسول الله صلىاللهعليهوآله بالحج قام إليه الأقرع بن حابس فقال : في كل عام؟ فقال : لا ، ولو قلت لوجب ، ولو وجب لم تفعلوا ، إنما الحج في العمر مرة واحدة ، فمن زاد فتطوع» (١) ونحوه ما عن أبي داود والنسائي وأحمد والحاكم (٢).
نعم لا بد من حمله على ما يكون مشروعا في نفسه بنحو الاستغراق ، كالحج والصدقة ، فيكون مسوقا لبيان معنى ارتكازي عقلي ، وهو حسن الاستزادة من الخير والإكثار منه مهما أمكن ، لا لبيان سقوط الارتباطية بالتعذر الذي هو معنى تعبدي محض. ولذا يصدق بلا تكلف على مثل الصدقة بالميسور ومساعدة المؤمن.
__________________
(١) مستدرك الوسائل ج : ٨ باب : ٣ من أبواب الحج حديث : ٤.
(٢) التاج الجامع للأصول ج : ٢ ص : ١٠٩.