غرضه في خصوص العبادات كقصد التقرب ، كان محتاجا للدليل كأصل العبادية. كما يظهر مما سبق هنا وفي مبحث التعبدي والتوصلي.
نعم لا إشكال مع تنجز التكليف في عدم الاجتزاء بالإطاعة الظنية أو الاحتمالية الراجعة لاحتمال عدم مطابقة المأتي به للمأمور به. وأن الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني. وكأن ذلك هو مراد شيخنا الأعظم قدسسره عند ذكره للمراتب الأربعة المذكورة في المقدمة الرابعة من مقدمات دليل الانسداد. إلا أنه أجنبي عن محل الكلام من فرض اليقين بمطابقة المأتي به للمأمور به على تقدير ثبوت الأمر ، وأن عدم اليقين بالامتثال لعدم اليقين بالأمر ، للقطع معه بفراغ الذمة.
الثالث : أنه لما كان المعتبر في العبادة الإتيان بها بداعي الأمر فلا بد في داعوية الأمر من إحرازه ، غاية الأمر أنه مع إحرازه يكفي داعويته وإن كان مرددا بين الوجوب والاستحباب ، وإنما يعتبر قصد أحدهما بعينه بناء على اعتبار قصد الوجه الذي تقدم الكلام فيه.
وفيه : أن المتيقن من دليل عبادية العبادة الإتيان بها بوجه قربي ، ويكفي فيه الإتيان بالعمل بداعي امتثال الأمر المحتمل ، الراجع إلى قصد امتثال الأمر معلقا على وجوده. واعتبار اليقين بوجود الأمر محتاج إلى دليل ، بناء على ما أشرنا إليه آنفا من أن أصل العبادية خلاف الأصل ، فضلا عما زاد عليها من الخصوصيات. ولا سيما مع ما أشرنا إليه آنفا من المفروغية عن الاجتزاء بالاحتمال مع تعذر العلم ، وأن الفرق بينه وبين تيسر العلم في معيار العبادية مما تأباه المرتكزات العقلائية والمتشرعية جدا.
ومن هنا كان الظاهر عدم تمامية ما ذكروه في وجه المنع عن الاحتياط في المقام. بل المتعين البناء على مشروعيته بعد ما أشرنا إليه من الأصل ، ولا سيما مع مطابقته لمرتكزات العرف والمتشرعة والسيرة التي أشار إليها شيخنا الأعظم