الذي هو بمعنى ارتفاعه بعد وجوده ، ولا ريب في عدم إرادة ذلك ، لخروجه عن اختيار المكلف ، وعدم استناده للشك ، بل لسببه. بل المراد نقض المكلف له عملا بعدم ترتيب الأثر عليه. نعم تقدم أن النقض العملي في المقام تسامحي ، لتوقف النقض العملي الحقيقي على وحدة الناقض والمنقوض.
وثانيا : أن ذلك لا يقتضي اعتبار تحقق مقتضي البقاء ، بل سبق اليقين بالبقاء لليقين بعلته التامة ولو خطأ ، فلو اعتقد المكلف في أول الأمر باستمرار المتيقن ثم تزلزل قطعه وشك في المقتضي جرى الاستصحاب ، وإن شك من أول الأمر بالاستمرار ولو لاحتمال طروء الرافع مع القطع بتحقق المقتضي لم يجر الاستصحاب. وهو كما ترى خروج عن المدعى.
الثالث : ما قد يرجع إليه كلام شيخنا الأستاذ قدسسره من أن المصحح لإسناد النقض في أدلة الاستصحاب إلى اليقين مع ارتفاعه حقيقة هو الملازمة الادعائية بين اليقين بالحدوث واليقين بالبقاء ، المتفرعة على ادعاء الملازمة بين نفس الحدوث والبقاء ، فعدم ترتيب أثر البقاء نقض حقيقي لليقين الادعائي ونقض ادعائي لليقين الحقيقي بالحدوث ، ولا يصح عرفا ادعاء الملازمة المذكورة مع عدم إحراز مقتضى البقاء ، لعدم المنشأ لها ، وإنما صح ادعاؤها مع إحرازه لعدم الاعتداد باحتمال طروء الرافع.
وفيه : أن ابتناء إسناد النقض لليقين على الملازمة المذكورة لا يخلو عن خفاء ، ولا شاهد عليه في النصوص. كما لم يتضح ابتناء الملازمة ـ لو تمت ـ على عدم الاعتداد باحتمال طروء الرافع. لوضوح أن عدم الاعتداد باحتمال طروء الرافع يرجع إلى قاعدة المقتضي ، التي هي قاعدة أخرى في قبال الاستصحاب ، ولو تمت لم يحتج معها لليقين بالحدوث الذي هو ركن الاستصحاب. وأخذ موضوعها ـ وهو إحراز المقتضي ـ قيدا في موضوعه ـ وهو اليقين بالحدوث ـ مخالف لإطلاق نصوصه.