الغفلة قبل الصلاة ، لعدم جريانه مع الغفلة ، ووقوع الصلاة من دون استصحاب ، كما في الفرض الأول.
ثم إنه لا إشكال في جريان قاعدة الفراغ في الفرض الأول. وأما في الفرض الثاني فقد سبق من شيخنا الأعظم قدسسره توجيه عدم جريانها فيه بأن مجراها الشك الحادث بعد الفراغ ، لا الموجود قبله. وهو كما ترى ، لارتفاع الشك الأول لفرض الغفلة حين الصلاة ، والشك الحاصل بعدها ليس بقاء لذلك الشك ، بل هو شك آخر ، وإن اتحد منشؤهما.
اللهم إلا أن يدعى انصراف إطلاق دليل القاعدة عن الشك المذكور مما سبق مثيله قبل العمل. وكأنه يبتني على دعوى اختصاص القاعدة بما إذا لم يعلم المكلف من نفسه الغفلة عن منشأ الشك اللاحق ، التي لو تمت جرت في الفرض الأول أيضا ، فلا تجري فيه القاعدة لو علم المصلي بعد الفراغ بأنه قد غفل عن إحراز الطهارة حين الصلاة.
ولذا لا ريب ظاهرا في جريان القاعدة حتى في الفرض الثاني لو احتمل المكلف بعد الفراغ أنه لم يدخل في الصلاة حتى تذكر سبق الطهارة ، وخطأ الاستصحاب الذي جرى في حقه عند حصول الشك ، مع وضوح المماثلة أيضا بين ذلك الشك والشك الحادث بعد الصلاة.
وعلى ذلك لو لم تتم الدعوى المذكورة ، وبني على عموم القاعدة لما إذا علم المكلف من نفسه الغفلة عن منشأ الشك الحاصل بعد الفراغ ، فالبناء على جريانها في الفرض الثاني مطلقا قريب جدا.
الأمر الرابع : المنساق من دليل الاستصحاب هو التعبد ببقاء المتيقن واستمراره إلى زمن الشك ، لا محض وجوده في زمن الشك بعد سبق اليقين به ، لأن الجهة الارتكازية التي أشير إليها في التعليل المتقدم تناسب ذلك جدا. بل هو المناسب لفرض النقض ، فإن صدقه حقيقة موقوف على اتحاد مفاد