جملة منها في موارد قاعدة الاشتغال المقتضية للاحتياط كقاعدتي الصحة والتجاوز والفراغ ، بل وقاعدتي الحل والطهارة وغيرهما. على أن محل الكلام ليس هو تصحيح جعل الطرق والأصول الثابتة الجعل ، كي يكفي احتمال ثبوت المصحح المذكور فيها ، بل إمكان نصب الطرق والأصول غير العلمية مطلقا ولو مع لزوم فوت الواقع منها. ومن هنا لا بد من النظر في دفع المحذور المذكور.
والمذكور في كلامهم وجوه لا مجال لإطالة الكلام فيها. ولا سيما مع ابتناء بعضها على الكلام في حقيقة التكليف المولوي وحقيقة الإرادة التشريعية التي هي المعيار فيه ، وقد سبق منا في مقدمة علم الأصول بعض الكلام في ذلك. والعمدة في المقام وجهان :
الأول : ما ذكره شيخنا الأعظم قدسسره من إمكان الالتزام بتدارك الملاكات الفائتة بمصلحة متابعة الطرق ، فقيام الطرق لا يوجب تبدل الملاكات الواقعية الثابتة لأفعال المكلفين ، ليلزم تبدل أحكامها الواقعية ـ كما هو مقتضى التصويب المنسوب للمعتزلة ـ بل يوجب حدوث مصلحة في نفس سلوك الطرق ومتابعتها يكون بها تدارك ما فات من تلك الملاكات بسبب عمل المكلف على الطرق المذكورة.
لكن لا ملزم بالتدارك ، إذ مع كون الملاك الواقعي أهم من مصلحة متابعة الطريق لا ينفع تداركه بها في قبح تفويته ، ومع كونها هي الأهم ـ كما لعله مفروض كلامه ـ لا يقبح تفويته من أجلها ولو مع عدم التدارك.
على أن ما ذكره يشكل بأن متابعة الطريق لما كانت بفعل المكلف كانت من عناوينه الثانوية ، فيكون فعله واجدا للملاكين ، الملاك الثابت له بعنوانه الأولي المقتضي للحكم الواقعي ، والملاك الثابت له بعنوانه الثانوي وهو كونه متابعة للطريق ، ومع أهمية الثاني يتعين فعلية الحكم التابع له وسقوط الحكم الواقعي عن الفعلية ، وهو راجع للتصويب المنسوب للمعتزلة الذي فر منه ،