نفسه ، الراجع لعدم انقلاب النسبة ، له النظر لها بتحكيم بعضها على بعض في رتبة سابقة على تحكيمه على غيره ، الراجع لانقلاب النسبة. ولا مجال لتعميم أحد الوجهين ، أو إعطاء الضابط لموارد كل منهما ، بعد اختلاف خصوصيات الأدلة في أنفسها ، وفيما بينها ، بوجه لا يتيسر استيعابه. بل المناسب إيكال ذلك لنظر الفقيه عند الابتلاء بالأدلة المختلفة في كل واقعة واقعة. نعم يحسن التعرض لبعض الفروض المذكورة في كلماتهم هنا.
الأول : الفرض المتقدم. والظاهر صلوح الخاص لأن يكون شاهد جمع بين العامين ، ومانعا من استحكام التعارض بينهما ، بحمل الموافق على مورده والمخالف على غير مورده ، وخصوصا إذا كان عنوان الخاص مناسبا لحكمه ارتكازا. ولا مجال عرفا لاستحكام التعارض بين العامين ، وانفراد الخاص بالحجية في مورده.
الثاني : ما إذا ورد عام ، وورد خاصان بينهما عموم من وجه ، مثل : أكرم العلماء. و : لا تكرم فساق العلماء. و : لا تكرم من لا ينتفع بعلمه. حيث يدور الأمر بين تخصيص العام بهما معا بلحاظ أن كلا منهما في نفسه أخص منه مطلقا الذي هو مناسب لعدم انقلاب النسبة ، وتخصيص العام بأحدهما أولا ، فتنقلب النسبة بين العام والخاص الآخر إلى العموم من وجه ، فيجري عليهما حكم العامين من وجه ، ولا يتعين الخاص لتخصيص العام.
لكن الأظهر الأول ، لأن كلا من الخاصين أقوى ظهورا في مورده من العام فيه ، فيقدم عليه. مع أنه لا مرجح لأحد الخاصين على الآخر بعد تمامية مقتضى الحجية في كل منهما. ولا وجه لترجيح مقطوع الصدور أو المضمون بعد مشاركة المظنون له في الحجية ، فإن القطعي إنما يقدم على الظني عند تعارضهما ، لا في مقام تأثيرهما في الدليل الآخر. وكذا ترجيح الأسبق زمانا ، لعدم الأثر لسبق صدور الخاص زمانا في استكشاف مراد المتكلم من العام.