ذلك.
لكن الظاهر أن اعتبار وصول الحجية في ترتب الأثر المذكور ليس لكون الوصول مقوما لمقتضى الأثر وموضوعه ثبوتا ، بل لكونه شرطا في فعليته إثباتا ، مع كون تمام المقتضي والموضوع هو التعبد الشرعي الواقعي. نظير اعتبار وصول التكليف في ترتب الأثر عليه ، وهو لزوم الإطاعة ، مع كون تمام الموضوع والمقتضي له بنظر العقل هو التكليف الواقعي بنفسه ، من دون أن يكون وصوله دخيلا فيه ثبوتا.
وحينئذ فعدم العمل بالطريق مع الشك في حجيته إنما يكون بملاك عدم حصول شرط المعذرية والمنجزية ، بخلاف عدمهما مع إحراز عدم الحجية ، فإنه بملاك إحراز عدم المقتضي لهما ، ومثل هذا الاختلاف كاف في الأثر المصحح للتعبد ارتكازا. ومن ثمّ جرى استصحاب عدم التكليف ، مع أن الشك في التكليف كاف في البراءة منه وعدم وجوب العمل عليه عقلا.
هذا وقد يستدل على عدم حجية ما شك في حجيته بإطلاق ما دل على عدم الاعتماد على غير العلم كقوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً)(١) ، وما دل على عدم الاعتماد على الظن وأنه لا يغني عن الحق شيئا ، ونحو ذلك.
لكن لم يتضح ورود الآية الشريفة فيما نحن فيه من عدم الاعتماد على غير العلم في مقام العمل ، بل لعل المراد بها بيان حرمة التعبد والتدين والفتوى من غير علم تكليفا ، كما يناسبه ذيلها. وحسن علي بن جعفر أو صحيحه عن أخيه عن آبائه عليهمالسلام في حديث أنه قال : «ليس لك أن تتكلم بما شئت ، لأن الله
__________________
(١) سورة الاسراء الآية : ٣٦.