بخلاف ما كنت أخبرتك أو أفتيتك بخلاف ذلك بأيهما كنت تأخذ؟ قلت : بأحدثهما وأدع الآخر. فقال : قد أصبت يا أبا عمرو. أبي الله إلا أن يعبد سرا. أما والله لئن فعلتم ذلك إنه لخير لي ولكم. أبى الله عزوجل لنا في دينه إلا التقية» (١).
ومرسل الحسين بن المختار : عنه عليهالسلام : «قال : أرأيتك لو حدثتك بحديث العام ، ثم جئتني من قابل فحدثتك بخلافه ، بأيهما كنت تأخذ. قال : كنت آخذ بالأخير. فقال لي : رحمك الله» (٢).
ومرسل الكليني : «وفي حديث آخر : خذوا بالأحدث» (٣).
ولم يعرف من اعتمد هذا المرجح غير الصدوق في الفقيه في باب الرجلين يوصى إليهما ، حيث ذكر حديثا عن العسكري عليهالسلام وآخر معارضا له عن الصادق عليهالسلام ، ثم قال : «لست أفتي بهذا الحديث ، بل أفتي بما عندي بخط الحسن بن علي عليهالسلام. ولو صح الخبران جميعا لكان الواجب الأخذ بقول الأخير ، كما أمر به الصادق عليهالسلام ، وذلك أن الأخبار لها وجوه ومعان ، وكل إمام أعلم بزمانه وأحكامه من غيره من الناس. وبالله التوفيق» (٤).
والذي ينبغي أن يقال : من الظاهر أن تأخر الزمان لا دخل له في أقربية الدليل للواقع وكاشفيته عنه. ومن هنا يمتنع حمل هذه النصوص على الترجيح إثباتا بين الخبرين ، بلحاظ طريقيتهما للواقع ، كما هو حال المرجحات السابقة.
ويتعين حملها على الترجيح ثبوتا بين الحكمين المحكيين بهما ـ من دون قصور في حجيتهما ـ بلحاظ ورود الأحدث لبيان الوظيفة الفعلية التي يدركها إمام الوقت ، سواء كانت هي الحكم الواقعي الثانوي ، لحدوث سبب التقية الرافع للحكم الأولي المبين بالدليل الأسبق ، أو لتبدل مقتضى التقية ، أم
__________________
(١) ، (٢) ، (٣) الوسائل ج : ١٨ باب : ٩ من أبواب صفات القاضي حديث : ١٧ ، ٧ ، ٩.
(٤) كتاب من لا يحضره الفقيه ج : ٤ ص : ١٥١ طبع النجف الأشرف.