منجزا بنحو يقتضي الفحص ، إلا أن المكلف في سعة من الجهل في زمن الفحص إلى أن يلقى من يبين له الحق ويرفع جهله ، وهو أجنبي عن التخيير في مقام العمل.
ولو سلم أن المراد السعة في العمل ، فالمتيقن منه السعة من حيثية الخبرين ، بمعنى أن كلا منهما لا ينجز مضمونه في حقه ، الذي هو مرجع التساقط ، لا السعة في العمل على طبقهما ، بحيث لا يجوز الخروج عنهما ، الذي هو مرجع التخيير المدعى.
وثانيا : أن ظاهر الحديث فرض اختلاف المفتيين في حق المستفتي ، لا اختلاف الروايتين في حق المفتي الذي هو محل الكلام. والتخيير في الأول لا يستلزم التخيير في الثاني. ومجرد استناد المفتيين للرواية لا يستلزم التخيير بين الروايتين.
الثاني : صحيح علي بن مهزيار : «قرأت في كتاب لعبد الله بن محمد إلى أبي الحسن عليهالسلام : اختلف أصحابنا في رواياتهم عن أبي عبد الله عليهالسلام في ركعتي الفجر في السفر ، فروى بعضهم أن صلهما في المحمل. وروى بعضهم : لا تصلهما إلا على الأرض ، فأعلمني كيف تصنع أنت لأقتدي بك في ذلك؟ فوقع عليهالسلام : موسع عليك بأية عملت» (١) بدعوى ظهوره في حجية كل منهما تخييرا.
وفيه : أن السؤال لما كان عن الحكم الواقعي ، الذي عليه عمل الإمام عليهالسلام ، فظاهر الجواب هو السعة الواقعية ، لابتناء اختلاف الروايتين على الاختلاف في الفضل ، لا على التعارض والتكاذب بينهما. ولا مجال لحمله على السعة الظاهرية الراجعة للتخيير في العمل على طبق إحدى الروايتين المتعارضتين ،
__________________
(١) الوسائل ج : ٣ باب : ١٥ من أبواب القبلة حديث : ٨.