السامعين لها ، لعلمهم عليهمالسلام بأن غرض الجالسين في مجالسهم الاستفادة من سؤال السائلين والتفقه به. فهو غير ثابت بنحو العموم. ومن ثم لا يبعد ترتب الثمرة المذكورة في مثل ذلك.
إلا أن الأخبار المذكورة تشهد بعدم الفرق في الحجية بين من قصد بالإفهام وغيره ، لما أشرنا إليه من أن نقل الأخبار من الرواة ليس لمحض حكاية اللفظ ، بل لبيان المضمون من أجل الرجوع إليه والعمل به ، وهو شاهد بأن عموم الحجية من الارتكازيات العامة التي جرى عليها الرواة ونقلة الحديث والعلماء في مقام معرفة الأحكام والاستدلال عليها ، كما تقدم.
هذا وقد يستشكل في الرجوع للروايات .. تارة : من جهة التقطيع الذي طرأ عليها ، حيث يحتمل معه ضياع القرائن.
وأخرى : من جهة النقل بالمعنى ، حيث قد يخطئ الناقل في فهم المراد أو في أدائه.
لكن يندفع الأول بأنه حيث كان إثبات الروايات في الكتب مع التقطيع لأجل الرجوع إليها والأخذ بمضامينها كان اللازم على مثبتها ملاحظة القرائن الدخيلة في فهم المراد. واحتمال غفلته مدفوع بالأصل.
والثاني بقرب ظهور كلام الراوي في أنه حاك باللفظ. وإلا كان ظاهر نقل الحديث وتدوينه المفروغية عن حجية النقل المذكور ، إما لبناء العقلاء على أصالة عدم الخطأ في فهم المراد وأدائه ، أو للنصوص المجوزة له (١) ، لما سبق من أن الغرض من نقل الأحاديث وتدوينها الرجوع إليها والعمل بها.
وكفى بسيرة الرواة والعلماء قديما وحديثا على الاهتمام بتدوين الروايات والعمل بها دافعا لهذه الشبهة وأمثالها.
__________________
(١) الوسائل ج : ١٨ باب : ٨ من أبواب صفات القاضي حديث : ٩ ، ١٠ ، ٨٧ ، ٨٨.