الاحتمال إلى ستّة عشر احتمالا يجمع أكثرها وجوه ثلاثة :
الأوّل : ما مرّ من كون « قذر » فعلا وكون المراد من الشيء ما ثبتت نظافته ، سواء كانت الشبهة حكمية أو موضوعية أو الأعمّ منهما.
الثاني : أن يكون « قذر » صفة ويكون المراد بالشيء الموضوعات الخارجية مع عدم سبقها بالعلم ، فيكون المعنى : كلّ شيء من الأمور الخارجية التي يشكّ في نجاستها وطهارتها فيحكم فيها بالطهارة حتّى تثبت فيها النجاسة ، فتدلّ الرواية حينئذ على اعتبار العلم في الحكم بالنجاسة في الشبهات الموضوعية الخارجية ، ولا دخل لها بالاستصحاب كما هو ظاهر ، وكذا لو [ كان ] قذر أعمّ من المسبوق وغير المسبوق ، فإنّ الحكم بعدم النجاسة فيما لم يعلم نجاسته أعمّ من الحكم بوجوب الأخذ بالحالة السابقة كما هو مفاد الاستصحاب ، ومجرّد انطباق بعض موارده لموارد الاستصحاب غير قاض باعتبار الاستصحاب ؛ لعدم دلالة عليه في الرواية ، بل ذلك (١) لعلّه ظاهر الاستحالة ، فإنّ الحكم في هذه الرواية مناطه مجرّد الشكّ ، وفي الاستصحاب هو الشكّ مع الحالة السابقة ، فدليل أحد الحكمين لا يمكن أن يستفاد منه الآخر ، ولذلك لا يصحّ (٢) التمسّك بأدلّة البراءة أو بغيرها من أدلّة الأصول التي تنطبق مواردها في بعض الأحيان لمورد الاستصحاب لاعتبار الاستصحاب.
الثالث : أن يكون المراد من الشيء العناوين الكلّية القابلة للحكم عليها بالطهارة كابن آوى (٣) وكلب الماء والأرنب مثلا ، أو النجاسة ، فعند عدم العلم بحكمها الشرعي الواقعي لا بدّ من معاملة الطهارة معها حتّى يعلم شرعا أنّها قذر فيجتنب عنها ، فتكون الرواية مختصّة بالشبهة الحكمية ، ويحتمل الوجهين من المسبوقية وعدمها بالعلم بالطهارة إلاّ أنّه لا يدلّ على تقدير التعميم على الاستصحاب ؛ لما عرفت من
__________________
(١) « ز ، ك » : وذلك.
(٢) « ج ، م » : ما صحّ.
(٣) يسمّى بالفارسية « شغال » الصحاح ٤ : ٢٢٧٤.