مشكوك البقاء في الآن اللاحق (١).
وفساده غير خفيّ ؛ إذ الاستصحاب ـ على ما عرفته (٢) ـ إنّما هو من الأدلّة العقلية وقد (٣) عدّه في عدادها غير معدود منهم ، وليس الكون الموصوف بما ذكر (٤) حكما عقليا يتوصّل به إلى حكم شرعي ، بل إنّما هو (٥) يحصل فيه ، ولعلّه إنّما أخذه من صغرى كلام العضدي حيث قال : إنّ معنى استصحاب الحال أنّ الحكم الفلاني قد كان ولم يظنّ عدمه ، وكلّ ما هو كذلك فهو مظنون البقاء ، ثمّ قال : وقد اختلفوا في صحّة الاستدلال به لإفادته ظنّ البقاء ، وعدمها لعدم إفادته إيّاه (٦). فإنّه قد يتسارع إلى الفهم أنّ الخلاف إنّما هو في الكبرى ، والنزاع في حجّية شيء إنّما هو بعد التسليم في مفهومه والمسلّم في المقام هو الصغرى ، فلا بدّ أن يكون ما ذكره في بيان الصغرى هو المفهوم المسلّم ، فيكون حدّا للاستصحاب (٧) ، إلاّ أنّه بعيد عن الصواب فإنّ من الواضح أنّ المعنيّ بالتعريف في المقام هي (٨) الكبرى فإنّها صالحة لأن ينتزع منها الحدّ كما هو ظاهر ، فبيان الصغرى إنّما هو توضيح للمورد ، وتوضحه (٩) ملاحظة ما صنعه العضدي في مقام تحديد القياس فراجعه. ووقوع الخلاف في الكبرى ليس بضائر في كونها ممّا ينتزع منها الحدّ ؛ إذ غاية ما يلزم أن يكون النزاع في حصول الظنّ وحكم العقل بالبقاء وعدمه.
ولقد أجاد صاحب المعالم حيث جعل صغرى ما في كلام العضدي محلاّ للاستصحاب فقال : اختلف الناس في استصحاب الحال ، ومحلّه أن يثبت حكم في وقت ثمّ يجيء وقت آخر ولا يقوم دليل على انتفاء ذلك الحكم ، فهل يحكم ببقائه على
__________________
(١) القوانين ٢ : ٥٣ ، وفي ط : ص ٢٦٥.
(٢) « ج ، م » : إذ كما عرفت أنّ الاستصحاب.
(٣) « ز ، ك ، ل » : ـ قد.
(٤) « ل » : ذكره.
(٥) « ج ، م » : ـ هو.
(٦) شرح مختصر منتهى الأصول : ٤٥٣.
(٧) « م » : حدّ الاستصحاب.
(٨) « ز ، ك ، ل » : ـ هي.
(٩) « ج ، م » : يوضحه.